فن وثقافة
مواقف فى حياة طلعت حرب
كتبت / سماح احمد فايدتمر اليوم الذكرى الـ 152، على ميلاد رجل الاقتصاد الوطنى الزعيم الراحل طلعت حرب باشا، إذ ولد فى 25 نوفمبر عام 1867م، ويعد أحد أهم أعلام الاقتصاد في تاريخ مصر ولقب بـ "أبو الاقتصاد المصري" ، كان لرجل الاقتصاد الوطنى مواقف كبيرة سواء فى الاقتصاد أو فى الحياة الفكرية المصرية، وترك خلفه إرثا فكريا واقتصاديا هائلا جعله واحد من أعلام الوطن فى القرن العشرين.
أقنع طلعت حرب مائة وستة وعشرين من المصريين بالاكتتاب لإنشاء البنك، وبلغ ما اكتتبوا به ثمانين ألف جنيه، تمثل عشرين ألف سهم، أي أنهم جعلوا ثمن السهم أربعة جنيهات فقط، وكان أكبر مساهم هو عبد العظيم المصري بك من أعيان مغاغة الذي اشترى ألف سهم· وفي الثلاثاء 13 ابريل سنه 1920 نشرت الوقائع المصرية في الجريدة الرسمية للدولة مرسوم تأسيس شركة مساهمة مصرية تسمى " بنك مصر" ·
وبالذكر ان ألف الزعيم الراحل كتابا عن قناة السويس نشره فى عام 1910، وفى الكتاب يستعرض طلعت حرب نشأة فكرة قناة السويس، وأنها مصرية صميمة منذ أيام الفراعنة، و قيام سنوسرت الثالث بتوصيل نهر النيل بخليج السويس، ثم قيام عمرو بن العاص بإعادة حفر نفس القناة لكن سُميت خليج أمير المؤمنين، واستمرت تؤدى دورها حتى ردمها أبو جعفر المنصور بعد 134 سنة بسبب الإضرابات السياسية.
ويبرز الكتاب المنافسة الكبيرة بين القوى الاستعمارية للسيطرة على طرق التجارة بين الشرق والغرب، وقصة اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح وتحكم البرتغال فى التجارة العالمية، وكيف أن الحكومات هولندا وإنجلترا وفرنسا بتأسيس شركات ملاحة تقوم بنقل البضاعة بين الشرق والغرب.
تفجرت خصومة بين قاسم أمين وطلعت حرب، ظهرت عام 1889، بعد صدور كتاب الأول "تحرير المرأة" فرد عليه طلعت حرب بكتاب "تربية المراة والحجاب"، فجاء فى الكتاب الأخير أن الناس يرفضون أفكار قاسم أمين لأن رفع الحجاب والاختلاط أمنية تتمناها أوروبا منذ قديم الأزل لهزيمة مصر من خلال تحرر نساؤها، وتابع طلعت حرب فى كتابه قائلا: "أسمينا الكتاب تربية المرأة والحجاب، وهو اسم كنا نتمنى أن يجعله حضرة قاسم بك أمين عنوانا لكتابه فإنه أليق من اسم تحرير المرأة".وساند "حرب" فى خصومته لقاسم، الزعيم مصطفى كامل حيث أثنى عليه فى مقال له فى جريدة اللواء عام 1900.
بعد نحو 30 عاما من تلك المعركة الفكرية مع " أمين" اختلف رأيه وسارت كل أفعاله عكس اتجاه ما يقول، فكان أول الداعمين للسيدة لطيفة النادى، أول سيدة تقود طائرة وتحلق بها وخدها عام 1933، بل وبدأ اقتحام عالم التمثيل والسينما عام 1925، لاعتقاد بأن الفنون صناعة وطنية أصيلة، وإنشاء استديو مصر عام 1934 لينتج عددا من الأفلام الكلاسيكية المصرية أهمها فيلم وداد لكوب الشرق أم كلثوم.
ويبدو أن طلعت حرب أدرك بعد ثلاثة عقود، ألا يمكنه بناء مجتمع ونصف طاقته معطلة، وبعدما كان ينظر للمرأة على خلعها حجابها وعلما انتصار للاستعمار، راهن على المرأة وأوفد بعثات دراسية لأوروبا لتعلم فن الإخراج وصناعة السينما.
على الرغم من النجاح الذي حققه بنك مصر والإنجازات الاقتصادية التي قام بها، إلا أن الأزمات المفتعلة من قبل سلطات الاحتلال الإنجليزي وبوادر بدء الحرب العالمية الثانية أدت إلى حالة من الكساد الاقتصادي ودفعت المخاوف الكثيرين لسحب ودائعهم لدى بنك مصر مما تسبب في أزمة سيولة، ومما زاد الأزمة سحب صندوق توفير البريد لكل ودائعه من البنك، ورفض المحافظ الإنجليزي لبنك الأهلي وقتها أن يقرضه بضمان محفظة الأوراق المالية، وعندما ذهب طلعت حرب إلى وزير المالية حينذاك حسين سري باشا لحل هذه المشكلة، وطلب منه إما أن تصدر الحكومة بيانا بضمان ودائع الناس لدى البنك، أو أن تحمل البنك الأهلي على أن يقرض بنك مصر مقابل المحفظة، أو أن تأمر بوقف سحب ودائع صندوق توفير البريد، إلا أن حسين سري رفض ذلك بإيعاز من علي ماهر باشا بسبب قيام طلعت حرب بمساندة خصمه النحاس باشا من قبل، واقترح الوزير حلا لهذه الأزمة لكنه اشترط تقديم طلعت حرب لاستقالته، فقبل على الفور هذا الشرط من أجل إنقاذ البنك، وقال كلمته المشهورة .