فن وثقافة
رواية «عودة لوليتا» للأديب عبد الغني ملوك تضاهي الروايات العالمية بل تتفوق عليها
بقلم : نزيه شاهين ضاحيمن خوالد التراث الروائي الكلاسيكي الغربي الذي ينحو باتجاه الغرائبية في العلاقات العاطفية بين الجنسين رواية ( لوليتا لنابوكوف ) ( و آنا كارنينا لتولستوي ) و ( عشيق الليدي تشاترلي للورنس دافيد هاربد ) هذه الروايات تخطت الذروة في الفنية والدهشة و كسر معظم التابوهات المتعارف عليها وباتت علامات فارقة في التباين والاختلاف عن غيرها من الروايات التقليدية .
وفي رواية عودة لوليتا للروائي عبد الغني ملوك الصادرة حديثًاً انقلابٌ فنيٌّ وتمرد واضح في الشكل والمضمون على المعايير التي اعتادت رواياته السابقة سلوكها , ففي هذه الرواية يقوم باستكشاف تناقضات الوجود البشري التي تتأرجح على حدِّ موسى حادةٍ بين الأحلام الجميلة و الكوابيس المرعبة فهو قد فتح الباب أمام تعايش ربيع الشباب مع خريف الشيخوخة و رسم الشخصيات عاموديًا و كان أكثر ميلًا نحو تجزئة السرد و تقطيع الخبر بالرموز أكثر من الحوادث .
كما حققت هذه الرواية انزياحًا تمثل من الانتقال من المستقيم إلى المائل و من التراكمي إلى الانتقائي و من الإشاري إلى الإيحائي ومن التقليدي إلى الجديد الانبهاري بالرغم من اتكاءها على الموروث الغربي في بعض المضامن فنحن إزاء شخصيتين تقمصتا إهاب ( لوليتا ) الأولى لوليتا الإيطالية و الثانية لوليتا الدمشقية اللعوب المغناخ التي تتفجر أنوثةً و لكنها الأكثر خيانةً .
في رواية ومضات انتقادية مختصرة ( جاء من حاول القيام بالفتنة مدفوعين من الخارج و لكنهم فشلُوا ) ( ظلت المرأة في بلاد التخلف مشرنقةً بالتابوهات و النظرة الدونية ) ( إنها كتب نقل لا كتب عقل ) .
وهناك شخصية ثانوية و لكنها هامة في الرواية ( عبد الرحمن الدهري ) ماسك حسابات والد ناصر الدرعاوي التجارية يحمل إجازةً في الرياضيات و الأول على دفعته لكنه لم يرسل بعثةً بسبب فساد أحد المسؤولين الذي أنشق فيما بعد عن الدولة عبد الرحمن هذا أيقظه على حقائق حياتية مذهلة غيرت الكثير من مجاري حياته السابقة و أظهرت التحول الكبير في الانحدار الأخلاقي لدى إخوته و أولادهم إضافة للانحدار الواضح في الأخلاق في المجتمع بكامله .
ابتعد الروائي في تقنية السرد عن تيار الحداثة مفضلًا تيار الوعي ( الشعور ) و مزج الحاضر بالماضي لاستشراف المستقبل في ثوبٍ خيالي جميل فحطم بذلك التتابع الزمني دون الدخول في فوضى الأحداث التي ظلت تتطور بشكل منطقي حتى نهايتها بالرغم من الخطف خلفًا ( فلاش باك ) لأكثر من مرة و أعطى الحقائق المرئية قدرةً تصوريةً فائقة ( تصهل خيول الشهوات في البراري الشاسعة ) ( و هو كهل على شكل ذبابة و طعام في شبك العنكبوت ) .
وتناول الروائي عبد الغني ملوك موضوعًا هامًا جدًا يستنكره البعض مع أنهم معرضونَ إلى الوقوع في تجربته فلوليتا المراهقة قد تفاجئ أيًا منا في زمانٍ غير متوقع لكن البعض يستمرؤون اللعبة فيمضون بشوطها حتى النهاية .
وتعد هذه الرواية من الروايات العظيمة التي تتفوق على الروايات الأجنبية لأنَّ المؤلف قد أبرز فيها الانحدار الاخلاقي الذي وصل إليه المجتمع بعد الحرب الظالمة على سوريا لأكثر من عشر سنوات و ما زالت مستمرة.