فن وثقافة
عزب : ” حصان جامح ” .. عنوان ابداعي قائم علي بنيه التضاد
نور الهواريتحت عنوان " بنية التضاد ..وصهيل الروح
قراءة فى ديوان "حصان جامح على طريق مشلول" للشاعر محمد أحمد إسماعيل"
يقول الناقد والكاتب محمد على عزب إن عنوان الديوان الصادر عن فرع ثقافة القاهرة عنوان اٍبداعى، قائم على بنية التضاد حبث أنه مفارقة تصويرية تبرز فداحة الواقع المعيش لذلك الحصان الجامح، والحصان الجامح هنا رمز للحالمين الذين يحاربون الشر بوسائل عاجزة ويتماس هذا العنوان مع الثنائية الدونكيشوتية "ثنائية الحلم والانكسار" لبطل الكوميديا السوداء الذى يحارب طواحين الهواء بسيف خشبى، أقول يتماس ولا يتطابق فمازال الحصان لديه الجموح رغم عجز الطريق / الوسيلة, فربما تجد الذات الشاعرة / الحصان الجامح وسيلة للوصول غير هذا الطريق العاجز, وستجد الذات الشاعرة هذه الوسيلة / المعجزة وبنية التضاد هى أحد التقنيات الهامة التى يستخدمها محمد اٍسماعيل فى هذا الديوان لاٍبراز فداحة التناقض بين ما هو مأمول وبين ما حدث ويحدث بالفعل
ويضيف عزب: إن قصيدة "اٍزاى" ص 21 :
جتتك شبعانه موت / ازاى هتثبت للمراية / ان ابتسامتك بنت ضىّ / وازاى هتثبت للحياه / اٍن انت حىّ
ومن السؤال الاستنكارى فى المقطع السابق اٍلى التهكم القريب من الكوميديا السوداء فى قصيدة يا دين الصبر ص 17 :
كتمت ف روحى نار بوجى / لقيت مكتوب على لوحى / ( تَحَلَّى بالفنا يا هذا واستعبر ) / وموت .. هتعيش
ومثال آخر فى قصيدة "أنا مش مسافر" التى يقول فى بدايتها ص 23 :
أنا مش مسافر / بس ف عيونى سفر / عريان ورحى باب على كل الجهات
/ وقلبى مسكون بالمطر / راكب على غنوة خطر
ويواصل الشاعر بث عذاباته عبر بنية التضاد ويصنع من قلقه أجنحه حيث يقول:
قلقان بافصّل م القلق / ريش وجناحات / مخنوق سكات / مشنوق كلام / ثابت وباجرى ألف ميل / فى كل ميل حرب وْسلام / شاب حلمى الجميل / على حدود المستحيل / وانا .. أنا / بانقص وازيد ف كل عام
ومن حالة الارتباك والقلق وشيخوخة الحلم على حد المستحيل والدوران فى دوائر مغلقة اٍلى فقدان القدرة على الفعل والتحوّل اٍلى مسوخ / مساخيط يقول الشاعر فى قصيدة "الست أمينة" الفنانة الراحلة أمينة رزق ص 44 :
الست أمينه ما متش / الست أمينه ما قدرتش تعيش / وقفت على مسرح روحنا / طلعت شجرتنا الغاليه وهزتها / ما نزلش فى حجر الست أمينه غير طرح جروحنا / فانقهرت .. صرخت بالصوت الحيانى: يا مغيث يا مغيث / زعَقِت فى المخرج: مين طفّى النور / مين قتل الجمهور فى الصاله / مين علق ديكور المسرح فى الكواليس / يا مغيث
وتظل الست أمينه تبحث عن الجمهور الذى اختفى من الصالة لتكتشف مفاجأة فادحة مبنية على التضاد أو المفارقة التصويرية حيث يقول الشاعر :
زى الروح المدبوحه / قعدت تنطط على صدر المسرح / واندارت فى الكواليس / الست أمينه / ما لقيتناش حواليها / ما لقيتناش جواها ع المسرح / غير بس عرايس خشبيه مشبوكه بدبابيس / وخيوط مشدوده لفوق / بتحركها اٍيدين فى الضلمه / واحنا عرايس .. بس / النُّصّ بيلعب بينا الشرفا / والنُّص التانى جواسيس / النُّص بيلعب دور العسكر / والنص التانى جواسيس
هكذا اكتشفت الست أمينه / الروح المذبوحة فداحة ما يمكن أن يصل اٍليه الاٍنسان ويتحول اٍلى مسخ, دُمية خشب تحركها أصابع خفية فليس هناك شرير أو طيب كل الجمهور مسوخ فاقدى الاٍراده .
تترد بكثرة فى المعجم الشعرى لديوان "حصان جامح فى طريق مشلول" المفردات والتراكيب الدالة على الصوت والغناء ولوازمه "ورد الغنا", "صوت الساقية"، المواويل", "الناى" وغيرها من المفردات الدالة على الصوت, هذا بجانب كون الاٍصاته والاحتفاء بموسيقى الشعر سمة بنائية فى قصائد هذا الديوان فالشاعر حكاء أو منشد شعبى تؤطر موسيقاه الصور والمشاهد الشعرية.
وفعل الصوت لدى الشاعر في
هذا الديوان تحول من فعل للبوح اٍلى وسيله للوصول اٍلى الحلم فى هذا العالم المأسوى حيث يقول فى قصيدة "الفكره عروسه" ص 12:
وانت بتخبّط على كل بيبان الناس / مستند على عكاز عجزك / وتنزف من حلقك / ترتيلة موال مقطوع / مستنى من أيها باب / انه يفسر لك لغزك
وفى خضم هذا العجز سيكتشف الشاعر معجزته حيث يقول :
مستنى الطير / من فوق جبل الحريه / وانت مفيش فى جرابك / غير بس رغيف الجوع / ومفيش معجزه غير صوتك / بيبك الدم / ويفك قيود الريح / ويغنى لبكره