منوعات
”التنمر” داخل الأسرة هو المشكلة الأكبر
إسراء حامدالتنمر العائلى بات ظاهرة بالغة الخطورة على المجتمع.. والتنمر هو مرادف للعنف المبالغ فيه وقد يكون لفظيا أو بدنيا أو معنويا أو بنشر الشائعات، وهناك أيضا التنمر الإلكتروني.. ولكن أن ينتشر التنمر داخل الأسرة فهنا تكون المشكلة الأكبر.. عندما يتنمر الأب والأم لفلذات أكبادهم أو يتنمر الزوج لزوجته بألفاظ مهينة أمام الأبناء.. التنمر تحت سقف واحد كيف يراه الخبراء المهتمون ؟ د.غادة حلمى متخصصة فى قضايا الأسرة وحقوق المرأة والطفل تقول: بالفعل أصبح التنمر بجميع أشكاله موجودا فى مجتمعاتنا العربية، وهو ما دعا منظمة اليونسيف منذ 2012 الى عمل بروتوكلات الحماية والتوعية..
والمتنمر يعتقد أنه الأكثر قوة وسلطة ونفوذا، وقد يكون المحرك الذى دفعه للتنمر بالآخرين هو تعرضه لموقف التنمر والعنف وهو صغير.. ويعد التنمر الأسرى هو الأساس فى ظهور الخلل والمشكلة المجتمعية، وللأسف نجد كثيرا من البيوت عندما يكون الأب من أصحاب الشخصيات العنيفة ويتعامل بتعسف ضد زوجته وأبنائه من حرمان وتهديد وضرب، يكون ذلك داخل الأسرة حالة الشعور المستمر بالرهبة والرعب.. إن وجود شخص متنمر فى الأسرة الواحدة يؤدى الى ظهور الكثير من المتنمرين الآخرين فى الأسرة والمجتمع.
وعن النصائح والعلاج تقول د. غادة حلمي: عند أى مشكلة أوقضية مجتمعية لابد من طرح ومعرفة الأسباب التى أدت إلى الخلل ومواجهتها، وقد يحتاج المتنمر فى بعض الحالات إلى العلاج النفسى والتأهيلي، والعلاج يبدأ من الأسرة بترميم الإطار الأخلاقى لأفراده، وإعادة القيم الدينية والاجتماعية والأخلاقية والحب والمودة ودفء المشاعر والرحمة والتعاطف، ونشر روح التسامح وعدم التربص بين الزوجين.. والابتعاد عن تعنيف الأبناء والوقوف بجوارهم ومساعدتهم عند وجود أى خلل أو مشكلة لديهم، وتأكيد أهمية دور الأم و أن تكون صديقة وقريبة لأبنائها وبناتها كى تعرف أسرارهم. والرقابة على مايشاهده أطفالها على وسائل التواصل الاجتماعى منذ الصغر من دراما وبرامج .
د.سعيد عبد العظيم أستاذ الطب النفسى كلية الطب جامعة القاهرة يقول: التنمر العائلى أصبح بالفعل ظاهرة بالغة الخطورة.. فقد يؤدى الى التفكك الأسرى وقطيعة الرحم وكثير من الأمراض التى تؤثر على جميع أفراد الأسرة، وهو ما ناشاهده كثيرا فى العيادات النفسية.
ويشاركه فى الرأى د. محمد رجائى إستشارى الصحة النفسية ويقول: إن التنمر العائلى ليس مصطلحا جديدا لكنه موجود منذ بداية الخليقة وكانت أول جريمة تنمر لابنى أدم عليه السلام قابيل وهابيل حتى وصلت الى القتل، وهناك بعض الأسباب والعوامل التى ساعدت على ظهور وزيادة حدة التنمر داخل أفراد العائلة، منها التكنولوجيا الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعى والماديات التى طغت على حياتنا وساعدت على زيادة مساحة الخلافات والتربص داخل الأسر، نتيجة عدم الفهم والتواصل الإيجابى بين أفرادها، مما أدى لظهور الاضطرابات الشخصية والسلوكية والنفسية والانعزالية والعنف والاكتئاب وحالات الإدمان وعدم الشعور بالرضا النفسي.. وعن العلاج يقول: لابد للوالدين من وضع قواعد للتعامل داخل البيت، وينبغى الاتفاق على الاجتماع بين أفراد الأسرة، واتباع أسلوب الحوار بينهم فى جلسات ودية تضم جميع أفراد الأسرة، وضرورة عودة اجتماع الأسرة على مائدة واحدة والتحاور بينهم فى أثناء الطعام أومشاهدة فيلم أو برنامج أومسلسل أجتماعى وأن يكون الحوار مع الأبناء بصيغة المحبة بعيدا عن التحقيق والاستجواب والمحاسبة وتخفيض حدة التنبيهات والإرشادات والتعليمات المستمرة.. ولابد أيضا من اتباع أسلوب المكاشفة والمصارحة بينهم وإطلاع الأبناء على دخل الأسرة والنفقات وقد يسهم إعطاء أحدهم كل مرة مصروف البيت لإدارته فى تقليل حدة التنمر حيث يكون غالبا وراء التنمرالأسرى أسباب اقتصادية وعدم الرضا.
ويرى الكاتب جمال الباسوسى أن التنمر داخل البيت الواحد وبين أحضان الأسرة لا يقل خطورة عن باقى أنواع التنمر، بل هو أكثر خطورة ويستدعى تأهيل الآباء لمواجهته فى استثمار الطاقات والقدرات الخاصة بأبنائهم فى برامج وأنشطة رياضية وثقافية وفنية تعود عليهم بالنفع، والتدخل فى الوقت الملائم لترشيد سلوكيات الاخوة، وتعليمهم مهارات التفاوض وحل خلافاتهم بطريقة بناءة خالية من