نبيل صافية يكتب: هل هناك انسحاب للولايات المتّحدة من منطقة الشّرق الأوسط ؟

رئيس مجلس الإدارة:محمود علىرئيس التحرير: شريف سليمان
باسل رحمي: تيسير وصول الخدمات التسويقية لتعزيز قدرة المشروعات التراثية على التصدير الرئيس السيسي: ملف الصناعة سيحقق لنا نقلة.. ونعمل فى كل المجالات وزارة الصحة تكشف البروتوكول العلاجى لمتحور كورونا الجديد زيادة المعاشات شهر يناير 2025.. بدء التطبيق الأسبوع المقبل تداول 18 ألف طن و 1187 شاحنة بضائع بموانئ البحر الأحمر بنك التعمير والإسكان يشارك في رعاية الملتقى التوظيفي الثامن لمؤسسة «جوبزيلا» جوجل تطلق تطبيق Google Wallet فى مصر يناير 2025 الاحتلال الإسرائيلي يعتقل 25 فلسطينيا من الضفة الغربية إيران تعلن مقتل موظف بسفارتها في دمشق تأجيل محاكمة هدير عبد الرازق بتهمة بث مقاطع فاضحة لجلسة 28 ديسمبر ملفوفة بقطعة قماش.. العثور على رضيعة داخل كرتونة بقنا ضبط متهم بإدارة كيان تعليمي دون ترخيص في القاهرة

مقالات

نبيل صافية يكتب: هل هناك انسحاب للولايات المتّحدة من منطقة الشّرق الأوسط ؟

المحلل السياسي السوري- نبيل صافية
المحلل السياسي السوري- نبيل صافية

بادئ ذي بدء يمكننا أن نتساءل : هل هناك انسحاب للولايات المتّحدة من المنطقة ؟ وهل هو تكتيك مؤقّت أو استراتيجيّة محدّدة ؟ وهل سيكون محدوداً أو كاملاً ؟

من الواضح أنّ أمريكا تدّعي دوماً أنّها ستنسحب ، ولكنّ هذا الأمر إعلاميّ فقط ولن يتحقّق على أرض الواقع ، وهذه الاستراتيجيّة التي تدّعيها أمريكا ستبقى ضمن الخطاب الإعلاميّ الذي لن يجد صداه في المستوى المنظور حتّى لو سحبت جزءاً من قوّاتها أو آليّاتها العسكريّة سواء من سورية أم العراق أو سواهما ، وإنّي لا أرى أنّ هذه الانسحابات التي تقوم بها الولايات المتّحدّة _ رغم ادّعائها بالانسحاب _ ما هي إلّا ذرّ الرّماد في العيون ، وضمناً من ذلك ما تمّ ادّعاؤه قبلاً بلسان وزير الدّفاع الأمريكيّ برسالته للجنود الأمريكيين التي قال فيها : " حان وقت العودة إلى أرض الوطن ، كثيرون تعبوا من الحروب لكنّها المرحلة الحاسمة التي تتحوّل جهودنا من القيادة إلى الدّعم ، إنهاء الحروب يتطلّب تنازلات وشراكة ، واجهنا التحدّي وبذلنا كلّ مافي وسعنا ، الآن حان وقت العودة إلى الوطن ".

وتمّ الادّعاء أنّ الرّئيس الأمريكيّ السّابق ترامب أقال وزير دفاعه السابق لأنّه عارض سحب القوّات ، وهذا الأمر _ وفق اعتقادي _ غير دقيق ، ذلك أنّ الولايات المتّحدّة كثيراً ما كانت تتحدّث عن الانسحاب سواء من سورية أم من العراق أم من غيرهما ، ولكنّه في الواقع لا يعدو عن كونه إعادة انتشار ليس غير ، رغم ما يتردّد أيضاً الآن عن الانسحاب ، وتَبَعاً لما ذكرت فإنّني أستبعد أن يكون هناك انسحاب أو تحوّل استراتيجيّ في المنطقة .

ولو تساءلنا : كم عدد القوّات والأسلحة التي سيتمّ سحبها من المنطقة ومن أيّ دول إذا قرّرت الولايات المتّحدة الانسحاب من المنطقة ؟.

سبق أن صدر قرار أمريكيّ بإخراج خمسمئة جندي أمريكيّ من العراق ، وهنا نتساءل : هل كان القرار تحايلاً على قرار إخراج كامل القوّات الأمريكيّة من العراق ؟!.

وجاء اتّفاق بغداد السّابق مع واشنطن على انسحاب خمسمئة جنديّ أمريكيّ من العراق ، وفق ما ورد يوم الأربعاء 18/11/2020 ، ويعدّ تخفيضاً لعدد القوّات الأمريكيّة في العراق إلى ألفين وخمسمئة جنديّ ، مع العلم أنّ البرلمان العراقيّ كان قد صوّت بالأغلبية في الخامس من كانون الثّاني الماضي على إنهاء الوجود العسكريّ الأمريكيّ في البلاد بعد مقتل قائد فيلق القدس العميد قاسم سليمانيّ ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبيّ السّيّد أبي مهدي المهندس في غارة جوّيّة أمريكيّة قرب مطار بغداد .

وربّما أكون جازماً إذا قلت : إنّ ذلك القرار السّابق بإخراج خمسمئة جنديّ أمريكيّ فقط هو تحايل على قرار إخراج كامل للقوّات الأمريكيّة في العراق ، لأنّ أمريكا إذا أخرجت كامل قوّاتها فلن تستطيع تحقيق مجمّل أهدافها ومصالحها في المنطقة وزيادة الشّرخ بين إقليم كردستان العراق وباقي الأراضي العراقيّة ، وهو الإقليم الذي يتمتّع بحكم ذاتيّ ، ولا تلزمه القرارات البرلمانيّة الصّادرة عن الحكومة المركزيّة العراقيّة ، واستناداً لذلك حاليّاً : فإنّي لا أرى انسحاباً كاملاً للقوّات الأمريكيّة في الوقت القريب رغم ما يتمّ إعلانه عبر الإعلام وعبر تصريحات مختلف الشّخصيّات أو المسؤولين بانسحاب القوّات الأمريكيّة من أفغانستان والعراق ، وبالتّالي فإنّني لا أرى تغييراً في السّياسة الأمريكيّة إزاء مايحدث في العراق .

ولنتساءل : هل سنرى مثل الانسحاب الأمريكيّ الذي حدث في أفغانستان بالعراق أيضاً ؟ وهل يمكن أن تكون الاستهدافات الأخيرة للحشد الشّعبيّ رسالة لبغداد في هذا المجال ؟.

الولايات المتّحدة الأمريكيّة فشلت في العراق نتيجة التّخبّط في سياستها ضمن العراق ، وجاءت المخطّطات الآن لعدوان أمريكيّ جديد لتصفية الحشد الشّعبيّ وهو قوّة إقليميّة في المنطقة ، ومن المعلوم أنّ العراق كان مسرحاً أيضاً للصّراعات الدّوليّة وخصوصاً بين الولايات المتّحدة وإيران ، وأعتقد أنّ خروج الولايات المتّحدة من العراق لن يتمّ ، وهذا ما صرّح به أحد المسؤولين في وزارة الخارجيّة الأمريكيّة سابقاً بقوله : " الولايات المتّحدة لن تنسحب من العراق ، نحن ملتزمون بالشّراكة والصّداقة مع العراق " .

كما سعت الولايات المتّحدة لتمزيق الحشد الشّعبيّ عندما أثارت الفتنة ضمنه في محاولة لتفتيته وتقسيمه وخلق خلافات فيه ، بما أنّه كان عثرة في طريق المخطّطات الأمريكيّة ، ويسعى لإجبارها على التّفاوض مع الحكومة العراقيّة للخروج من العراق ، وهي التي ضربت الاستقرار الأمنيّ خصوصاً بعد قرار مجلس النّوّاب القاضي بخروجها ، وتعدّه عدوّها الأوّل .

وهنا نتساءل : كيف سيكون المستقبل الأمنيّ والسّياسيّ في المنطقة بعد هذا الانسحاب إذا تحقّق ؟ وهل من الممكن أن تحلّ قوّات أجنبيّة أخرى محلّ القوّات الأمريكيّة ؟.

قبل الإشارة للمستقبل الأمنيّ والسّياسيّ في المنطقة بعد هذا الانسحاب إذا تحقّق ، لابدّ من الإشارة للاستراتيجيّة الجديدة لبايدن في المنطقة بوجود تغييراتٍ بأسلوب الضّغط الذي يمارَس دول المنطقة ، وإنّ التّغلغل الأمريكيّ في المنطقة هو محاولة للسّيطرة على المعابر مع العراق ، والسّيطرة على منابع النّفط ومناجم الفوسفات وتهريب الآثار الموجودة في تلك المناطق ، ورسالة لتركيّا باستبدال قاعدة أنجرليك بأخرى على الأراضي السّوريّة ، وإنّ لم تعلن الولايات المتّحدة ذلك صراحةً ، ولذلك لا أرى أنّه من الممكن أن تحلّ قوّات أجنبيّة أخرى لأنّ الانسحاب لن يتمّ أساساً وسنتابع قادم الأيام وما سيحدث من عدم الانسحاب .