أيسر الربيعي تكتب: أرمانوسة التحدي والإرادة..!

رئيس مجلس الإدارة:محمود علىرئيس التحرير: شريف سليمان
حامد حمدان نجم بتروجيت يثير اهتمام الأندية القطرية والزمالك يترقب الصفقة الشتوية إليسا تعلن عن حفلها الغنائي في قبة رادس بتونس 28 ديسمبر بعد غياب 6 سنوات الأرصاد: طقس معتدل نهارًا وبارد ليلًا مع فرص أمطار متفرقة على عدة مناطق دار الإفتاء تحذر من ممارسة “البشعة”: مخالفة للشريعة والعقل الإنساني وفاة الطبيب مصطفي البكل في المنوفية.. رمز للخير والأخلاق الحسنة عمرو الشلمة: الحزمة الثانية من التسهيلات الضريبية تعزز الثقة وتفتح آفاقًا جديدة للاستثمار في مصر مصطفى بكري: تشكيل حكومة جديدة بعد يناير بمواصفات تراعي مصالح الشعب المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة: قانون 10 لسنة 2018 يمنح الحقوق والتيسيرات ويعزز التمكين عمرو أديب: وفاة الطفل يوسف محمد في بطولة السباحة «قمة الإهمال» وتستدعي إجراءات صارمة خبير سياسي: إعادة الانتخابات في بعض الدوائر تؤكد حرص مصر على نزاهة وشفافية العملية الانتخابية حمد موسى: مجموعة مصر في تصفيات كأس العالم صعبة وتضم منتخبات قوية حاتم الطرابلسي ينتقد أرني سلوت ويطالب بالاحترام لمكانة محمد صلاح في ليفربول

مقالات

أيسر الربيعي تكتب: أرمانوسة التحدي والإرادة..!

الكاتبة العراقية/ أيسر الربيعي
الكاتبة العراقية/ أيسر الربيعي

كثير من البشر يسعون خلف المراكز و النفوذ ، يتملقون أصحابها ، ويبيعون كل غالي لأجل الحظو بإحدى الكراسي المتنفذة ، أمّا الثابتون في مبادئهم، الراسخون في الهوية ، والكرامة.. هم الأرمانوسيون.

فمن هي أرمانوسة ؟

هي آخر أميرة مصرية قبل الفتح الإسلامي لمصر .. ابنة المقوقس .. آخر ملوك المصريين ، الذي تخاطب وتعاهد مع جيوش العرب بقيادة عمرو بن العاص ، واتفقوا على فتح مصر .

حيث كان وشاح الامبراطورية الرومانية يمتد ويفرش ظله الثقيل على بلاد شمال إفريقيا والشرق الأوسط ( دول حوض البحر المتوسط ) ، كان الملك المقوقس والشعب المصري يضيقون ذرعاً بوجود النفوذ والقوات الرومانية بتصرفاتهم المتبجحة واستغلالهم لموارد وطنهم .

و لم تكن أرمانوسة الأميرة المدللة الابنة الوحيدة للمقوقس.. بعيدة عن مشاعر الشعب التي تضطرم كجمرٍ متوهج ينتظر الفرصة المناسبة لانبثاق لهب الحرية في وجه المستعمر ، بل ربما كانت أكثرهم ضيقاً بهذا الظل الرومي ، حيث إنها كانت مخطوبة بالإكراه لقسطنطين ابن قيصر الروم الذي كانت تمقته ، لتعدي قواته على بلادها ، و خيراتها ، ولفرض خطبته عليها بنفوذهم، على عكس رغبتها .

حيث كانت تكتم مشاعر الحب لضابطٍ مصري ، و لكنها كانت تخشى الإفصاح خوفاً على حياته ، و من ردة فعل جيش الروم بقيادة قسطنطين المغرور على شعبها و قوات الجيش المصري.

فهل استسلمت لنوائب القدر ؟ أم كان للحكمة والكرامة رأيٌ آخر ؟

حافظت أرمانوسة على عهودها مع حبيبها دون أن تخل بسمعة أبيها أو تعرض حياتهم جميعاً للخطر ، وصبرت على عدم ملاقاته أو محادثته كي تتجنب عيون مراقبي خطيبها ابن القيصر الروماني ، ولأنها تدرك ألا يليق بها أن تُوصم بالخيانة وهي سليلة الأصل و الشرف.

وازنت أرمانوسة بالحكمة التي ورثتها عن جداتها ومن موروثها الحضاري .. حيث سمعت بنجاحات وامتداد جيش العرب ، وبزوغ دولتهم الفتيّة .. شجّعت والدها ولم تتخطاه ، أن يرسل المراسيل خفيةً ، و يتعاهد مع خليفة المسلمين على بنود فتح مصر.

حيث يستطيع الجيش العربي مواجهة جيش الرومان ، فتنضم القوات المصرية في المعركة لجيش عمرو بن العاص، فيقتلعوا أنياب الامبراطورية الرومانية بعمل كمّاشة قتالاً وحصاراً على أن يحتفظ المصريون بسيادتهم على أرضهم ، وحقوق المواطنة ، ومشاريعهم وممتلكاتهم وأموالهم وأراضيهم ، ومعابدهم وديانتهم، على أن يتكفل الجيش العربي بالحماية وتدخل مصر ضمن حدود الدولة العربية باقتصادها وكيانها وعلومها وحدودها ، و قد كان بالصبر والإخلاص والإرادة .

تحقق للشعب المصري ولأرمانوسة ما أرادوا ، واستعادوا نقاء الهواء بخروج آخر جندي روماني ( من استطاع منهم النجاة ) ، و تزوجت بحبيبها ، فتظافرت الأفراح.. فرح الحرية ، وفرح الزواج ، وفرح الاستقرار المبني على الإرادة القوية .

وهنا دخل عمرو بن العاص مصر ، وأنشأ أول معسكر لقواته في منطقة بساتين ، حيث توسط خيام الحنود خيمته الكبيرة والتي تُدعى بالعربية ( الفُسطاط ) حيث أنها مقر إقامة القائد و غرفة الاجتماعات ، وبرغم تغير مكان العاصمة المصرية ومقر الحكم مراراً ، إلا أن هذا الموقع لايزال يُدعى بالفُسطاط إلى يومنا هذا.

وأمّا أرمانوسة ، فكجنديٌ مجهول .. توارت في حياةٍ طبيعية كمواطنة مصرية عادية ، متخلية عن بريق المسميات كأميرة ، أو زوجة أمير الامبراطورية الرومانية. أخلصت لوطنها .. وحبها .. وشرف نسبها .. و إرادة شعبها .

فتحيةً لها ،وتحية لكل الأرمانوسيون .