تقارير وتحقيقات
بإشراف تحريري/ ربى شاهين..
خبير عسكري لـ”الدفاع العربي”: لا زالت الأهداف الأمريكية ذاتها على سورية رغم انسحابها من أفغانستان وخسارة نفوذها
أجرى الحوار: حسين الميرتشهد سوريا في الآونة الأخيرة تطورات جديدة عسكرية وسياسية واعتداءات صهيونية متكررة ومستمرة على دمشق وريفها، بالإضافة إلى تهديدات تركية بعمل عسكري في الشمال السوري إلى عمليات التكريد وإغلاق المدارس الحكومية في الشمال الشرقي لسورية التي تقوم بها قوات قسد الإنفصالية وصولاً إلى الإنفتاح العربي تجاه سورية.
كل هذه التساؤلات والإستفسارات التي أردنا الإجابة عليها - في جريدة الدفاع العربي- من خلال حوارنا مع «الخبير العسكري والمحلل السياسي السوري العميد هيثم حسون»
في ظل المتغيرات التي فرضتها الحرب الإرهابية على سورية وإنعكاسها على عموم المنطقة..
كيف تقرأ الموقف الأمريكي بشكل عام وبالنسبة لسورية بشكل خاص تحديداً مسألة الشمال الشرقي؟
بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية لم تعد كما كانت من حيث السيطرة والهيمنه والنفوذ فهي تتراجع بشكل مطرد رغم كل ماتملكه من قوة عسكرية وإقتصادية ودبلوماسية ولكنها خلال السنوات العشر الماضية بدأت تخسر شيئا فشيئاً بعض نفوذها وجبروتها .
فيما يخص الواقع العالمي، فقد فشلت الولايات المتحدة في إخضاع إيران وكوريا الشمالية وفنزويلا، واضطرت إلى الإنسحاب من أفغانستان وبدأ التحرك الروسي الصيني باتجاه المواجهة وبدأت تظهر بعض بوادر التمرد الأوروبي .
أما فيما يتعلق بسوريا فلا زالت الولايات المتحدة على موقفها المعادي وهي لازالت المايسترو الذي يحرك كل أدوات الحرب على سوريا بكل أشكالها العسكرية المباشرة بوجود قواتها التي تحتل مناطق في سوريا وغير المباشرة عن طريق مليشيا قسد ومجموعات داعش التي أعيد هيكلتها وفق نظريات مختلفة ولأهداف مختلفة.
والحرب السياسية التي تديرها في مجلس الأمن وعلى المستوى الدولي والإقتصادية عبر فرض حصار خانق على الدولة والشعب السوري.
أما فيما يتعلق بالشمال الشرقي فلا زالت أهداف الولايات المتحدة هي ذاتها، فهي تريد إبقاء إحتلالها للمنطقة وإبقاء الميليشيات الكردية قادرة على خدمة المصالح الأمريكية وبذات الوقت إبقاء هذه الحالة للضغط على سوريا وروسيا ودفعهم لتقديم تنازلات سياسية .داخلية وإقليمية.
الكيان الصهيوني دائماً ما يحدد توقيت الإعتداء على الأراضي السورية .. فلماذا المنطقة الجنوبية؟
تهدف الإعتداءات الصهيونية على سوريا لتحقيق مجموعة أهداف عسكرية وسياسية مرتبطة بخدمة أهداف الحرب على سوريا وإضعاف القدرات العسكرية للجيش السوري ومحاربة إنتشار المقاومة اللبنانية وتحديداً في الجنوب السوري ومحاولة إجبار سوريا على تقييد وتحديد علاقتها مع إيران.
وتثبيت قوا عد الإشتباك التي أنشأها الكيان الصهيوني منذ بداية الحرب على سوريا . وترسيخ قناعة للدول العربية التي أقامت علاقات معها بأنها الوحيدة القادرة على الوقوف بوجه الخطر الإيراني.
هل تعتقد سيادة العميد بأن النظام التركي وبعد لقائه نظيره الروسي تعّمد إعلان إحتمالية شن عملية عسكرية في الشمال الغربي من إدلب وما الغاية التي يرجوها؟
وماذا يعني إستقدام التعزيزات العسكرية على الأرض السورية بالمفهوم العسكري والسياسي؟
تركيا لديها أطماع إستعمارية تاريخية في الأراضي السورية وهي تحتل مساحة كبيرة في الشمال الغربي والشمال الشرقي وتريد الحفاظ على إحتلالها لتلك المناطق وقد عقد رئيس النظام التركي إتفاقيتين مع الرئيس الروسي عام 2019 / 2020، بأن تتعهد بسحب الإرهابيين من محيط الطريق الدولي M4 وتخفيض عدد قوات الإحتلال التركي إلا أنه لم يفٍ بأي من تعهداته .
وفي الإجتماع الأخير كان واضحاً أنه لم يحصل أي إتفاق بين الجانبين بل إن أردوغان تعمد التصريح هو ومعظم القادة الأتراك أنهم لن يسمحوا بعودة الجيش السوري للحدود وأنه على روسيا تغيير إسلوب تعاملها مع القيادة السورية.
وبدأ الجيش التركي بتعزيز مواقعة بالقوى والوسائط وإرسال التعزيزات بشكل كبير إلى الأراضي السورية والهدف هو تحذير سوريا وحلفائها من القيام بأي عملية عسكرية وترسيخ الإحتلال وتكثيف عمليات التتريك التي تنفذها في الشمال الغربي.
ولم تكتف تركيا بذلك بل بدأت بعمليات الحشد والتهديد بتنفيذ عملية عسكرية في الشمال السوري على إتجاه منبج وتل رفعت وذلك لتوسيع مناطق الإحتلال ووصل المناطق التي إحتلتها ضمن عملية ماسميت بدرع الفرات وعملية غصن الزيتون، أي إحتلال كامل الشمال الغربي من ريف اللاذقية وإدلب وعفرين وشمال حلب وصولاً لريف الحسكة الشمالي الشرقي.
قوات الإحتلال التركي في المناطق التي تسيطر عليها تقوم بعمليات تتريك وتغيير ديموغرافي وكذلك في المنطقة الشرقية لسورية تقوم قوات قسد الإنفصالية العميلة للمحتل الأمريكي بإغلاق أكثر من ألفي مدرسة حكومية وتمنع الطلاب من حقهم في التعليم وهيّ تعمل وتسعى على تكريد المناطق التي تسيطر عليها .
كيف ستتعامل الدولة السورية مع هذه السياسات وما مدى إمكانية الرد الحكومي على هذه الخطوات؟
إن ما تقوم به قوات الإحتلال التركي من عمليات تتريك ممنهجة تشكل التدريس والخدمات والأحوال المدنية وعملية التغيير الديمو غرافي هي عملية منسقة ومُتفق عليها مع المليشيات الكردية في الشمال الشرقي حيث يتم عملية تبادل سكان فتركيا تطرد الكرد شرقاًوقسد تطر أبناء المناطق التي تسيطر عليها.
بالإضافة لعملية تكريد منظمة ومدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية وكردستان العراق لإنشاء بنية تحتية صالحة لإقامة كيان كردي مستقل.
وتعتقد المليشيات الكردية أنها ستؤمن لها شرعية إحتلالها للأراضي التي تسطو عليها، وهي تقوم بمنع التعليم باللغة العربية وتهجير السكان، وسرقة الموارد وممارسة كل أشكال الترهيب والترغيب وعمليات التجنيد لأبناء المنطقة للقتال في صفوفها.
أما بالنسبة لمقاومة مايجري فحتى الأن يبدو أن الأمر متروك للمبادرات الأهلية المدعومة من الدولة لمقاومة عمليات التتريك والتكريد، إلا أن الحل النهائي لايتم إلامن خلال تحرير المناطق والسكان من الإحتلال التركي والأمريكي.
بعد الإعتداءات الصهيونية على مواقع الحلفاء في تدمر السورية وبيان غرفة الحلفاء الذي توعد بالرد القاسي..
ماهيّ قراءتكم للضربة العسكرية على القاعدة الأمريكية في التنف؟
وهل وصلت الرسالة للكيان الصهيوني؟
منذ بداية الحرب على سوريا كان التنسيق بأعلى المستويات بين العدو الصهيوني والإدارة الأمريكية وهذا الأمر تعمق بشكل كبير مع مرور سنوات الحرب، وكانت إسرائيل تنفذ كل ماتريده الولايات المتحدة، وتقوم بالإعتداء المستمر على مواقع الجيش العربي السوري والحلفاء.
ومع بدء تغير موازين القوى لصالح سوريا وحلفاءها كان لابد من جعل المعتدي يدفع ثمن إعتداءه فكان إختيار قوات الإحتلال الأمريكي لإيصال رسالة للولايات المتحدة بأن التغطية المستمرة وتأمين قوات العدو الصهيوني خلال إعتداءاتها لايمكن أن تمر دون عقاب وأيضاً بأن الإحتلال الأمريكي للأراضي السورية لا يمكن أن يستمر.
كيف ترى الإنفتاح العربي الجديد تجاه سورية من بوابة التعاون الإقتصادي وحل المشاكل في لبنان؟
وحسب مشاهداتكم هل ستعود سورية إلى دورها السابق في المنطقة؟
العلاقات العربية مع سوريا محكومة بالموافقة والقرار الأمريكي وحتى الآن الولايات المتحدة هي صاحبة القرار وقدأعطت إستثناء من الحصار للبنان للحصول على الغاز المصري والكهرباء الأردنية وذلك ليس حباً بلبنان بل لمنع حزب الله من الإستمرار باستيراد الوقود الإيراني.
يعتبر أيضا التقارب العربي بداية ولكنها مرتبطة باستمرار الحاجة الأمريكية، أما بالنسبة لعودة سوريا إلى الجامعة العربية فهناك مساعي تبذل من قبل بعض الدول العربية ولكن في ظل هيمنة بعض دول الخليج العربي التي كانت ضمن حلف العدوان على سوريا . فلا تزال العقبات كبيرة.