مقالات
الدكتورة نادية مصطفي تكتب: تفجيرات أربيل ومزاعم إيران الواهية .!!
بقلم: د. نادية مصطفىبعد التفجيرات الإرهابية المدوية التي هزت مدينة اربيل عاصمة كردستان العراقية أمس والتي اعترف الحرس الثوري الإيراني بمسئوليته عنها متذرعا في هذا العمل الإرهابي الإجرامي بعلاقة حكومة اربيل بالموساد الإسرائيلي الذي يتآمر علي حد زعمه ضد إيران من هناك ، وهي التفجيرات التي لقيت تنديدا واسعا بها داخل المنطقة العربية وخارجها لما نتج عنها من خسائر بشرية ومادية جسيمة ولأنها تعد إرهاب دولة لا إرهاب ميليشيات كتنظيم داعش او غيره من التنظيمات الإرهابية الأخرى التي تنشط في العراق....
كذلك وبعد قدوم قائد الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاني علي الفور الي العراق كعادته التي درج عليها مع كل حادثة تفجير كبيرة كتلك التي حدثت في اربيل ، ليعطي الأوامر والتعليمات لأذرعه ووكلائه من زعماء وقادة المليشيات المسلحة التابعة لحرسه الثوري حول ما يجب أن يتصرفوا به أو يحتاطوا له من ردود أفعال انتقامية محتملة كنتيجة لما حدث...
لا سيما وان من قام بهذا العمل الإرهابي واعترف بمسئوليته عنه هو الحرس الثوري الإيراني نفسه ، وهو ما لا بد وان يكون له تأثيره السلبي علي موقف الحكومة العراقية الحالية ، من علاقاتها مع إيران, وبخاصة في مثل هذا التوقيت الحرج الذي يمر فيه العراق بأزمة سياسية خانقة ومستحكمة تتعلق بتشكيل ورئاسة الحكومة العراقية القادمة, وهل تكون حكومة أغلبية وطنية كما يقترح الزعيم الشيعي السيد مقتدي الصدر ام حكومة تعتمد في تشكيلها علي مبدأ المحاصصة الطائفية كغيرها من الحكومات العراقية التي سبقتها .؟ وهي الازمة التي لايران والأحزاب السياسية الموالية لها والقوي الشيعية المرتبطة بها دور أساسي فيها بعد خسارتهم الكبيرة في الانتخابات البرلمانية التي جرت منذ شهور في العراق وكانت نتائجها الصادمة لهم مؤشرا علي تراجع دورهم وانحسار نفوذهم في الشارع السياسي العراقي , وهو ما أثار بشدة غضبهم ودفعهم إلى رفض تلك النتائج بالتشكيك في نزاهتها ومن انها جاءت نتيجة تلاعب وتزوير وليس نتيجة اقتراع شعبي حر يعبر عن الإرادة الحقيقية للعراقيين..
ومن هنا، فان التفجيرات التي حدثت أمس في اربيل تقع في صميم هذا كله وليست بعيدة عنه ، فهي تحاول أن تقلب المعادلة السياسية الراهنة لصالح إيران والأحزاب الموالية لها بإسقاط المكون الكردي منها بإثارة الشكوك والشبهات حول دوافعه من وراء علاقته المشبوهة بإسرائيل وأجهزة مخابراتها،، وإعادة اللحمة إلي المكون الشيعي المنقسم علي نفسه بشدة حاليا ببن جناحين شيعيين لا تجمعهما ببعضهما رؤية واحدة مشتركة ولكل منهما توجهاته وقناعاته وحساباته ، فهذه هي الحقيقة علي حد ما أتصور في كل ما يجري هناك الآن حتي وان جاءت الذرائع المعلنة حول أسباب ما حدث في اربيل لتحاول ان تضع تلك التفجيرات في سياق آخر مختلف لإبعاد الأنظار عن هدفها الحقيقي، وهو السعي الي تمكين القوي الموالية لإيران من الوثوب الي السلطة والقفز الي مقاعد الحكم من جديد بتفكيك الجبهة المعارضة من خلال التشهير بها ، وإضعاف الأرضية السياسية التي تقف عليها وانتزاع المبادرة منها ، وإرباك المشهد السياسي العراقي كله بمثل هذه المناورات والتكتيكات التي يجري التخطيط لها في طهران، والتي يقوم الحرس الثوري الإيراني بالدور الرئيسي فيها...
نقول انه في وجه كل تلك التدخلات السياسية الإيرانية المستمرة والمستفزة في شئون العراق الداخلية ، فان الإيرانيين يحتاجون لمن يخرج عليهم في العراق ليقول لهم وبكل شجاعة ان اتركونا في حالنا ، وارفعوا أيديكم عنا، وكفوا عن فرض وصايتكم علينا ، ودعونا نقرر مصيرنا بأنفسنا ، ونختار مسارات الحكم في بلادنا بالطريقة التي تلائمنا ونجد فيها أمننا واستقرارنا بكامل إرادتنا.. فقد تعبنا ودفعنا ثمنا باهظا علي مدار سنوات طويلة لم يكن لنا..
الإيرانيون بحاجة لمن يذكرهم بان العراق بتاريخه الوطني والقومي الطويل كان دوما اكبر من كل الطوائف والمذاهب والأعراق ، من سنة وشيعة وعرب وأكراد وتركمان ومسيحيين وايزيديين وغيرهم من الأقليات العرقية والدينية ، فقد كان دائما عراقا واحدا متماسكا ، حتي جاءت إيران اليه مع الاحتلال الأمريكي له لتغير له معالمه بإثارة النعرات الطائفية المسمومة فيه ، ولتنزع عنه وجهه العربي الأصيل الذي كان ابرز سماته وأجمل ما فيه والذي طالما تغني به الشعراء وقالوا فيه وعنه ما قالوه....
قولوا للإيرانيين ومن يشايعونهم في الداخل ممن لا يعرفون حق وطنهم عليهم ان من حق العراق أن تكون له إرادته السياسية الحرة وقراره الوطني المستقل ودولته التي تستطيع بقوتها الذاتية أن توفر لشعبها الأمن والاستقرار والازدهار الذي يفتقده ويتطلع إليه ، وان ابعدوا عن العراق ودعوه يدافع عن وجوده ويبحث عن حقه في الحياة الكريمة الآمنة علي أي نحو يجد فيه نفسه..فالعراق كبلد عربي كبير له وضعه ومكانته ، يستحق كل هذا وأكثر....