شئون عربية
حقائق مقتبسة من الآثار السورية في المركز الثقافي ”أبو رمانة” بدمشق
سورية/ ديما مصلح – تصوير/ حاتم موسىأقام مركز ثقافي أبو رمانة ندوة تاريخية فكرية بعنوان " فكرة الساتر الترابي لخط بارليف الصهيوني مقتبسة من الآثار السورية"، مساء الأربعاء، وسط دمشق بمناسبة حرب تشرين التحريرية التي تصادف 6 تشرين الأول 1973 وقادها الجيشان السوري والمصري، وتتضمن الندوة عن فكرة الساتر الترابي لـ “خط بارليف” مقتبسة من الآثار السورية، والتشابه الكبير والدقيق بين "خط بارليف" و"مملكة قطنا" السورية، ومن هو المهندس السوري الذي صمم جسور عبور “بارليف” و”آلون”، كافة هذه التساؤلات أجابة عنها ضمن سردة تاريخية للباحث في علم الآثار د. "محمود السيد"، وحوار الإعلامي والناقد "علام عبد الهادي".
وأوضح الباحث في علم الآثار د. "محمود السيد" من خلال الندوة أن "إسرائيل" استفادت من العوامل الجغرافية وتضاريس الأرض لإنشاء خط دفاعي يجمع بين الحائط الترابي وقوة الخرسانات المحصنة والعائق المائي الطبيعي في "قناة السويس" نفسها، التي تمثل خطاً دفاعياً طبيعياً، والذي كان طولها 170 كيلومترا، ومتوسط عرضها 200 متر وعمقها 18 متراً، وتنتهي القناة بحواجز مائية أخرى تتمثل في البحر الأحمر والمتوسط، وبالتالي "قناة السويس" حاجز مائي فريد من نوعه وصفه “موشيه ديان” بأنه أحد أفضل الخنادق المضادة للدبابات في العالم".
وأكد "السيد" أن مصمم جسور عبور “بارليف” و”آلون” الدكتور مهندس سوري "مروان لوستان" وهي جسور العبور العائمة الذي عبرت عليها القوات المصرية "قناة السويس"، كما جسر العبور الذي عبرت عليه القوات السورية خندق “خط آلون” على جبهة الجولان في حرب تشرين 1973 متجهة نحو بحيرة "طبريا ونهر الأردن"، لافتاً إلى أن د. "مروان لوستان" ولد عام 1935 وتسلم كأس بطولة الألعاب الجوية من الرئيس "شكري القوتلي" عام 1956، ثم أوفد إلى الاتحاد السوفييتي وبولونيا مرات عدة للتدرب على القتال الجوي الحديث، ثم درس هندسة الطيران في "بولونيا" والتحق بالمقاومة الفلسطينية، وهو من مؤسسي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة، ومصمم الطائرات الشراعية المزودة بمحرك، ومدرب ومخطط عمليات الطائرات الشراعية التي وصلت في1987 قرية "قبية" الفلسطينية المحتلة والواقعة غرب مدينة "رام الله" وشمال مدينة القدس على بعد 32 كيلومتر.
وهو أيضاً مصمم الطوافات المائية ذات الوسادة الهوائية "هوفر كرافت" لنقل الفدائيين بحراً، وطائرة "رام الله" ذات الراكبين للتسلل بعيداً عن رقابة الرادار، وصمم عشرات النماذج الناجحة لطائرات صغيرة وصواريخ وعربات، وكان أعظم إنجازاته تصميم وبناء الجسور التي مكنت الدبابات السورية من عبور خندق التحصين الإسرائيلي "خط آلون" 50 جسراً سميت جسور لوستان، ثم انتقل إلى مصر وصمم وبنى جسور عبور "قناة السويس" واقتحام خط بارليف، وفي عام 1998 تعرض لحادث سير أصيب على إثره بالشلل وتوفي عام 2014.
وتابع "السيد" أن التشابه كبير ودقيق بين "خط بارليف" و"مملكة قطنا" السورية سببه اقتبس رئيس الأركان الإسرائيلي "حاييم بارليف" فكرة الساتر الترابي لخط بارليف من “مملكة قطْنا” السورية التي بني فيها أضخم 4 أسوار ترابية طينية دفاعية أثرية في العالم مؤرخة بالألف الثاني قبل الميلاد، وتم بناؤها بواسطة كميات هائلة جداً من التراب والحجارة الكلسية أحيطت بخنادق عديدة، والهدف من بنائها إظهار قوة وجبروت “مملكة قطنا” الواقعة شمال شرقي مدينة حمص، وحمايتها من حصار وهجمات الأعداء، وجعل سهام الرماة من الأعداء غير فعالة، وبهدف منع العدو من استخدام الآلات الحربية كالكباش والأبراج وكاسحات الجدران القديمة ومنع العدو كذلك من حفر الأنفاق.
وقال د. "السيد" "إن أحاطت الأسوار بأرض مربعة الشكل واسعة جداً تبلغ مساحتها 110 هكتار، بذلك تصنف كأضخم أسوار أثرية دفاعية ترابية مكتشفة في العالم حتى الآن، وزوت ببوابات رئيسية وبوابات جانبية اتخذت شكل ممرات صغيرة عبر الكتل الترابية، وتؤكد دراسة النقوش الكتابية المدونة بالمسماري البابلي المقطعي والمكتشفة في “مملكة قطنا” أن البوابات الكبيرة زودت بمبان دفاعية تمركزت فيها فرق حراسة، وتألفت كل فرقة من عشرة حراس وامتلكت أسلحة متنوعة ويوثق أحد النصوص المسمارية البابلية المؤرخ بالقرن الرابع عشر قبل الميلاد والمكتشف في قصر المدينة السفلى في “مملكة قطنا” وجود كتيبة عسكرية قوامها 500 جندي كلفت حماية وحراسة البوابات الرئيسية الخمس في المملكة".
وبيّن "السيد" أن خط بارليف بني عام 1968 من رمل وخرسان ووضع في الخدمة عام 1969، وجعل خطاً متكاملاً مع "قناة السويس" لمنع القوات المصرية من الوصول إلى سيناء، وكان خط "بارليف" جزءاً من تحصينات دفاعية إسرائيلية تمتد على طول القناة باستثناء بحيرة "مرة الكبرى" بعمق 35 كيلومتر باتجاه الشرق داخل سيناء، واستبعدت “إسرائيل” فكرة عبور القناة من “بحيرة مرة” بسبب عرضها الكبير، وقبل حرب تشرين التحريرية عام 1973 اعتبر خط بارليف الصهيوني أقوى خط عسكري دفاعي في التاريخ الحديث، ويبدأ من قناة السويس وحتى عمق 12 كيلومتراً داخل شبه جزيرة سيناء".
وأشار الباحث في علم الآثار د. "محمود السيد" من خلال الندوة أن خط "بارليف" تألف من ثلاث خطوط دفاعية امتدت بطول 170 كيلومتراً على طول قناة السويس، وهذه الخطوط هي خط أول رئيسي امتد على الضفة الشرقية لقناة السويس، ثم يأتي بعده على مسافة 3-5 كيلومتر خط ثاني مزود بتجهيزات هندسية ومرابض الدبابات والمدفعية، وعلى مسافة 10-12 كيلومتر يقع الخط الثالث الموازي للخطين الأول والثاني والمدعم بتجهيزات هندسية معقدة ومدرعات ووحدات مدفعية ميكانيكية".
يُشار إلى أنه تمكنت القوات السورية في حرب تشرين التحريرية من تدمير خط “آلون” الدفاعي الإسرائيلي والتقدم في عمق الجولان السوري المحتل، وعبرت القوات المصرية قناة السويس مدمرة خط “بارليف” الإسرائيلي، وتمكنت من استعادة شبه جزيرة سيناء من قوات الاحتلال الإسرائيلي.