مقالات
وائل أمين يكتب: تركيا في العقد الجديد | هل تستطيع أنقرة دفع عملية الاستقرار مع العرب إلى الأمام ؟
بقلم: وائل أمينبعد اثني عشر عاماً من القطيعة بين سوريا وتركيا تأتي الآن تصريحات رأس هرم السلطة في تركيا لتتصدر عناوين الصحف حول لقاءٍ مباشر مع الدولة السورية.
بالتأكيد لم تكن هذه التصريحات محضَ الصدفة، فمع اقتراب الانتخابات الرئاسية في تركيا تزداد التصريحات من أنقرة؛ ولكن .!
هل استفاقت أنقرة بعد اثني عشر عاماً من دعمها للإرهاب في سوريا؟
وهل أدركت تركيا أن أمنها القومي مرتبط بسوريا بعد العملية الروسية الخاصة في أوكرانيا؟
استفادت تركيا كعادتها من استغلال الفرص، فحاولت لعب دور الوسيط بين أوروبا وروسيا من جهة والاستفادة من موقعها لجعلها مركزاً دولياً للغاز من جهة أخرى، تحاول الآن رفع مستوى العلاقات مع سوريا من الاستخبارات إلى الدبلوماسي من خلال تصريحات على لسان مسؤولي رفيعي المستوى قبيل الانتخابات التركية.
تبدو المطالب السورية هي انسحاب تركيا من الشمال وإيقاف دعمها للجماعات الإرهابية ودعم سوريا في المنظمات الدولية لإلغاء العقوبات أحادية الجانب المفروضة عليها , ولكن .!
هل ستكون أنقرة أهل للثقة هذه المرة ؟
تنظر دمشق لحكومة أنقرة على أنها ليست أهل للثقة التي منحتها إياها في العقد الماضي خصوصاً في هذا التوقيت , فتركيا التي تنادي بعقد لقاء مع الرئيس الأسد , كيف ذلك وهي تحتل جزءاً من الأراضي السورية وتدعم الإرهاب؟؟
يجب عليها تقديم ضمانات تبدءها بانسحابها من كافة الأراضي السورية وإيقاف الدعم للإرهاب بكل أشكاله، ربما تكون خطوة تقبل بها دمشق كـحسن نية لعقد لقاء جاد وفعال يرسم ملامح العلاقات بين البلدين في الفترة المقبلة كما حدث بين تركيا ومصر وكذلك السعودية.
استفادت أنقرة من مونديال قطر 2022 وقد تكون هي الوحيدة التي نجحت في كسر الجليد المتراكم منذ 2013 مع القاهرة وبهذه المناسبة استطاع أردوغان لقاء نظيره المصري عبد الفتاح السيسي على هامش افتتاح المونديال، حيث تعود قائمة الخلافات بين البلدين لعام 2013 بعد إعلان أنقرة أن الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي الذي ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين كانت غير شرعية حيث وصف حزب العدالة والتنمية السيسي بالانقلابي وكذلك توترت العلاقات بعد حظر الإخوان من مصر وتصنيفهم كتنظيم إرهابي، وفرت تركيا الملاذ الآمن الكثير من أفراد الجماعة الإرهابية .
وكان الملف الليبي عائقاً كبيراً بين الدولتين, تقول مصر أنها دعمت خليفة حفتر وساندته لمنع تشكيل حكومة يشارك فيها الإخوان التي أراد فايز السراج المدعوم تركياً تشكيلها حفاظاً على أمن مصر القومي، ليس ذلك وحسب بل توترت العلاقة بينهما إلى أعلى مستوى عندما وقفت مصر إلى جانب اليونان في خلافهما حول موارد الغاز في المتوسط وعلى أثرها وقعت مصر واليونان اتفاقية تم بموجبها تحديد المنطقة الاقتصادية لكلا البلدين، ووصفتها تركيا آنذاك أنها "اتفاقية قراصنة" ولكن قد يكون أردوغان قد عزف عن مقاطعة مصر فـبعد كل هذه التوترات بدأت الحياة تعود لمجاريها , ولكن تركيا تعول على المصالحة والبحث عن شراكة جديدة في إتجاه العرب.
وكعادتها تمسكت أنقرة بقضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي الذي قتل في القنصلية السعودية في تركيا, وسعت أنقرة بالضغط على الرياض بهذا التمسك لمكاسب استراتيجية تعتبرها تركيا وقد استطاعت تركيا حلَّ هذه المعضلة مع الرياض وهيئت لفتح صفحة جديدة.
لم تتوقف تركيا عن تدخلها بالشأن العربي الداخلي فوصلت إلى تونس بعد أن أصدر الرئيس التونسي قيس سعيد قراراً حلَّ فيه البرلمان التونسي ليقول أردوغان أن حل البرلمان المنتخب في تونس ضربة لإرادة الشعب التونسي , قوبل ذلك باستدعاء الخارجية التونسية سفير أنقرة وسلمته مذكرة احتجاج على تصريحات أردوغان , وكذلك قال الرئيس التونسي قيس سعيد أن "تونس ليست ولاية عثمانية تنتظر فراماناً .
لعل سياسة صفر مشاكل التي اتبعها أردوغان كانت تعني العكس فمنذ 2011 تتدخل تركيا بالشؤون الداخلية للدول وهذا منافٍ للأعراف الدولية والآن أدركت أنقرة معنى ذلك ولاسيما أن الانتخابات الرئاسية التركية على الأبواب, فهل ستكون تركيا في العقد القادم أهلاً للثقة العربية؟ أم أن للسياسة وجه آخر؟؟ يتساءل مراقبون ؟؟