حكم المشاركة في مسابقات التوقعات من خلال تطبيق إلكتروني

رئيس مجلس الإدارة:محمود علىرئيس التحرير: شريف سليمان
اطلاق مبادرة فتح مستشفيات الشرطة للكشف على الأطفال ذوي الهمم تنفيذ 66200 حكما بالغرامة خلال يومين توزيع 7000 بطانية على الأسر الأولى بالرعاية فى الدقهلية إحباط ترويج 15612 قرصا مخدرا فى يومين إدارة «بايدن» ترفض قرار اعتقال نتنياهو وجالانت اطلاق نار كثيف في جوبا عاصمة جنوب السودان الأردن: إسرائيل تمنع دخول المساعدات إلى غزة بهدف التطهير العرقي استشهاد فلسطينيين في قصف إسرائيلي على خان يونس الجنائية الدولية: ندعو الدول الأعضاء وغير الأعضاء إلى التعاون بشأن مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو وجالانت الحكومة البريطانية: نحترم استقلال المحكمة الجنائية الدولية البرلمان الأوروبي يعيين الإيطالي رافائيل فيتو نائبًا تنفيذيًا وصايا الرئيس السيسي لأبنائه من القوات المسلحة باعتبارهم خط المواجهة الأول

دين

حكم المشاركة في مسابقات التوقعات من خلال تطبيق إلكتروني

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

أجابت دار الإفتاء المصرية عبر موقعها الرسمي، على سؤال ورد اليها جاء مضمونه:" وجد تطبيق يمكن تحميله والاشتراك من خلاله في التوقعات لأمور كثيرة؛ كلعبة كرة القدم أو غيرها، ولكي يقوم الشخص بالاشتراك يقوم بدفع مبلغ من المال، فإن صحَّ تَوقُّع المشترك استرد المال وفوقه زيادة، ومَن لم يصحّ توقعه لا يستردّ ماله، فهل هذا يجوز شرعًا؟

وأوضحت دار الإفتاء المصرية أنه يجوز الاشتراك في هذا التطبيق إِذا اشترك فيه أحد المشتركين من غير دفع اشتراك ويكون له نصيب من التَّوقُّع والفوز، وكذلك ما لو كان الاشتراك فيه -أي: التطبيق- لا يتطلب دفع أموال من المتسابقين؛ أَمَّا إذا كان الاشتراك فيه على نحو يتطلب دفع مبلغ من المال من كل المشتركين يعد ذلك يقوم بتقييم التوقُّعات؛ فمن صحَّ توقعه استرد ماله وفوقه زيادة، ومن لم يصح تَوقُّعه لم يستردّ ماله؛ فلا يجوز حينئذٍ الاشتراك فيه.

حقيقة عمل هذا التطبيق -من خلال مطالعته- أنه نوع من المسابقة، وهي -أي: المسابقة- مُفَاعَلَةٌ من السَبْق، وهو التَّقدُّم، و"المفاعلة" مصدر الثلاثي المزيد "فاعَلَ"، والزيادة في "فاعَلَ" تأتي للمشاركة بين أمرين في أصل الفعل الثلاثي، ومعنى المسابقة: أن يتبارى اثنان أو أكثر ليصل كلٌّ إلى هدفٍ مُعَيَّن قبل صاحبه، وقد ندب الشرع إلى المسابقة إلى الطاعات والخيرات والمغفرة والجنة؛ فقال تعالى: ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾ [البقرة: 148]، وقال سبحانه: ﴿سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ﴾ [الحديد: 21].


والمسابقات تدعو إلى التنافس، فإذا كانت أغراضها مفيدة وأهدافها نبيلة كانت خير حافز على التنافس في الخير؛ ولذلك استحبت الشريعة إقامتها في الأغراض التي تقوم على القوة والذكاء والمهارة؛ كالجري، وسباق الخيل، والرمي، والسباحة، ونحوها من المهارات التي تبني العقل السليم والجسم الصحيح، وقد سابق النبي صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه وبِخَيْله، قال الإمام أبو بكر بن العربي في "أحكام القرآن" (3/ 39، ط. دار الكتب العلمية): [اعلموا وفقكم الله أنَّ المسابقة شِرْعة في الشريعة، وخصلة بديعة، وعون على الحرب، وقد فعله النبي صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه وبخيله] اهـ.


فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها كانت مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في سفرٍ، قالت: فَسَابَقْتُهُ فَسَبَقْتُهُ عَلَى رِجْلَيَّ، فَلَمَّا حَمَلْتُ اللَّحْمَ سَابَقْتُهُ فَسَبَقَنِي فَقَالَ: «هَذِهِ بِتِلْكَ السَّبْقَةِ» أخرجه أبو داود والنسائي في "سننهما"، وابن أبي شيبة في "المصنف"، والإمام أحمد في "المسند".
وعِوَض المسابقة أو جائزتها: إنما جُعلت للتنافس والاجتهاد، وتوليد روح الجد والعزيمة؛ قال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (2/ 279، ط. دار الكتب العلمية): [إنَّ القصد من بذل العوض هو التحريض على المسابقة وتعلم الفروسية، فإذا سوى بين الجميع: علم كل واحد منهم أنه يستحق السبق تقدم أو تأخر فلا يجتهد في المسابقة فيبطل المقصود] اهـ.


وقد أجمع العلماء على جواز المسابقة إن كانت على غير عِوَض، أو كانت على عِوَض مقدَّم من غير المتسابقين: قال الحافظ العراقي في "طرح التثريب" (7/ 241، ط. دار إحياء التراث العربي): [وأجمع العلماء على جواز المسابقة بغير عوض، وأجمعوا على جوازها أيضًا بعوض، لكن بشرط أن يكون العوض من غير المتسابقين: إما الإمام، أو أحد الرعيَّة] اهـ.


فإن كانت المسابقة على عِوَض من أحد المتسابقين دون غيره: فهي جائزة عند جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة وبعض المالكية، وإن كان العِوَضُ مِن المتسابقين كليهما: لم يجز ذلك عند الجمهور إلا إذا أدخلوا محلّلًا بينهما.


قال العلامة الحصكفي الحنفي في "الدر المختار" (6/ 402-403، ط. دار الفكر): [ولا بأس بالمسابقة في الرمي والفرس والإبل والأقدام، حل الجعل إن شرط المال من جانب واحد، وحرم لو شرط من الجانبين، إلا إذا أدخلا ثالثًا بينهما] اهـ.


وقال العلَّامة ابن جُزي المالكي في "القوانين الفقهية" (ص: 276، ط. دار بن حزم-بيروت): [وإن كانت بعوض وهو الرهان فلها ثلاثة صور: الأولى: أن يخرج الوالي أو غيره مالًا يأخذه السابق: فهذه جائزة اتفاقًا.


الثانية: أن يخرج كل واحد من المتسابقين مالًا فمَن سبق منهما أخذ مال صاحبه وأمسك متاعه وليس معهما غيرهما: فهذه ممنوعة اتفاقًا، فإن كان معهما ثالث وهو المُحَلِّل فجعلا له المال إن كان سابقًا وليس عليه شيء إن كان مسبوقًا: فأجاز ذلك ابن المسيب والشافعي، ومنعه مالك.


الثالث: أن يخرج المال أحد المتسابقين: فيجوز إن كان لا يعود إليه ويأخذه مَن سبق سواه أو مَن حضر] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع شرح المهذب" (15/ 131، ط. دار الفكر): [فإن كان الجعل من غير المتسابقين كالإمام يجعله للسابق جائزة: جاز، أو من أحدهما: جاز عند الجمهور، وكذا إذا كان معهما ثالث مُحلّل بشرط أن لا يخرج من عنده شيئًا؛ ليخرج العقد عن صورة القمار] اهـ.


وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "الكافي" (2/ 190، ط. دار الكتب العلمية): [وإن أخرج الجعل أحد المتسابقين جاز؛ لأن فيهما مَن يأخذ ولا يعطي، فلا يكون قمارًا.


فإن سبق مَن أخرج: أحرز سبقه ولم يأخذ من صاحبه شيئًا، وإن سبق الآخر: أحرز الجعل؛ لأنه سابق، وإن جاءا معًا: فالجعل لصاحبه؛ لأنه لا سبق فيهما. وإن أخرجا معًا: لم يجز؛ لأنه يكون قمارًا؛ لأنه ليس فيهما إلا مَن يأخذ إذا سبق، ويعطي إذا سبق، إلا أن يدخلا معهما ثالثًا يساوي فرسه فرسيهما] اهـ.


وأجاز بعض متأخري الحنابلة؛ كابن تيمية وابن القيم، كون العِوَض من المتسابقَين جميعًا من غير مُحَلّل؛ قال الشيخ ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (18/ 64، ط. مجمع الملك): [ومُحَلّل السباق لا أصل له في الشريعة، ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم أمته بمُحَلّل السباق، وقد روى عن أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه وغيره: أنهم كانوا يتسابقون بجعل ولا يدخلون بينهم مُحَلّلًا، والذين قالوا هذا من الفقهاء ظنوا أنه يكون قمارًا، ثم منهم مَن قال بالمُحلّل يخرج عن شبه القمار، وليس الأمر كما قالوه] اهـ.


وقال الشيخ ابن القيم في "إعلام الموقعين" (4/ 17، ط. دار الكتب العلمية): [إذا خرج المتسابقان في النضال معًا جاز في أصح القولين، والمشهور من مذهب مالك أنه لا يجوز، وعلى القول بجوازه فأصح القولين أنَّه لا يحتاج إلى مُحَلّل، كما هو مقتضى المنقول عن الصديق وأبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنهما، واختيار شيخنا وغيره] اهـ.


وعلى هذا التفصيل يجري الحكم على التطبيق المسؤول عنه، فإن كان الاشتراك فيه يتطلب دفع مبلغ من المال من كل المشتركين ليقيم تَوقُّعه، فإن صَحَّ توقُّع أحد المشتركين حَصَل على جائزة هذا التَّوقُّع الصحيح متمثلة في قيمة ما دفعه اشتراكًا وزيادة؛ فهذه الصورة غير جائزة، إلَّا أَنْ يَدْخُل أحد المشتركين من غير دفع اشتراك، ويكون له نصيب من التَّوقُّع والفوز.
أمَّا إذا كان الاشتراك في هذا التطبيق لا يتطلب بذل مال للاشتراك فيه بحيث يكون العِوَض فيه من خارج المتسابقين في التَّوقُّع في التطبيق، فهذه الصورة تدخل ضمن ما أجمع الفقهاء على جوازه كما سبق.

وبناء على ما سبق وفي واقعة السؤال: فيجوز الاشتراك في هذا التطبيق (Application) إِنْ دخل فيه أحد المشتركين من غير دفع اشتراك ويكون له نصيب من التَّوقُّع والفوز، وكذلك ما لو كان الاشتراك فيه -أي: التطبيق- لا يتطلب دفع مال من المتسابقين؛ أَمَّا إذا كان الاشتراك فيه على نحو أن يدفع المشترك مالًا فإن صحَّ توقعه استرده وفوقه زيادة، وإن لم يصح لم يسترده؛ فلا يجوز الاشتراك فيه حينئذٍ.