كيفية سداد القرض في ظل تغيُّر سعر الدولار

رئيس مجلس الإدارة:محمود علىرئيس التحرير: شريف سليمان
اطلاق مبادرة فتح مستشفيات الشرطة للكشف على الأطفال ذوي الهمم تنفيذ 66200 حكما بالغرامة خلال يومين توزيع 7000 بطانية على الأسر الأولى بالرعاية فى الدقهلية إحباط ترويج 15612 قرصا مخدرا فى يومين إدارة «بايدن» ترفض قرار اعتقال نتنياهو وجالانت اطلاق نار كثيف في جوبا عاصمة جنوب السودان الأردن: إسرائيل تمنع دخول المساعدات إلى غزة بهدف التطهير العرقي استشهاد فلسطينيين في قصف إسرائيلي على خان يونس الجنائية الدولية: ندعو الدول الأعضاء وغير الأعضاء إلى التعاون بشأن مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو وجالانت الحكومة البريطانية: نحترم استقلال المحكمة الجنائية الدولية البرلمان الأوروبي يعيين الإيطالي رافائيل فيتو نائبًا تنفيذيًا وصايا الرئيس السيسي لأبنائه من القوات المسلحة باعتبارهم خط المواجهة الأول

دين

كيفية سداد القرض في ظل تغيُّر سعر الدولار

سداد القروض
سداد القروض

ورد سؤال لدار الإفتاء المصرية، جاء مضمونه:" ما هي كيفية سداد القرض في ظل ارتفاع الدولار؟ حيث قمت بإقراض أحد أصدقائي مبلغ ألف دولار أمريكي، ونظرًا لسفر هذا الصديق المفاجئ فقد التزم أخوه بالسداد نيابة عنه، فلم يقم الأخ بسداد الدَّين في الوقت المتفق عليه إلى أن عاد صديقي المقترض من السفر؛ وهو الآن يريد سداد الدَّين بالجنيه المصري بدلًا عن الدولار، فما حكم هذا الفعل؟

علمًا بأن مبلغ القرض تم الاتفاق على سداده على أقساط من غير تحديد للعملة التي يكون بها السداد.

وجاء رد دار الإفتاء المصرية كالتالي:

لا مانع شرعًا من سداد مبلغ القرض المسؤول عنه بالجنيه المصري بدلًا عن الدولار، وكذا لا مانع من قيام الطرفين في حال سداد هذا المبلغ مُقسَّطًا بتجديد الاتفاق كلَّما حلَّ أجلُ القسط، ويُرَاعى في ذلك كله أن يُستوفى المبلغ المستحق كاملًا قبل الافتراق وبسعر الصرف في نفس يوم السداد لا قبل ذلك.

ونهيب بمن يقترض من أخيه شيئًا لتفريج كربةٍ أو قضاء حاجةٍ أن يحسن الردَّ والوفاء كما أحسن إليه المقرض في الإعطاء.

فضل السعي في قضاء حوائج الناس

إنَّ من أفضل الأعمال وأحسنها وأجلِّ الطاعات وأعظمها أن يسعى الإنسان لتفريج الكربات وقضاء الحاجات وإقالة العثرات؛ تقربًا إلى الله عزَّ وجلَّ لنيل الرضا ورفع الدرجات؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ... الحديث» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".

وإقراض المحتاج رفقًا به وإحسانًا إليه دون نفعٍ يبتغيه أو مقابلٍ يعود عليه هو من قبيل تنفيس الكربات التي يضاعف الله بها الأجر والثواب؛ مصداقًا لقول المولى تبارك وتعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [البقرة: 245]، وقوله عزَّ وجلَّ: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ﴾ [الحديد: 11].

مفهوم القرض الحسن وضابطه

القرضُ الحسنُ: هو ما يُعطيهِ الشخصُ المُقرِضُ مِنَ المالِ ونحوِهِ قُرْبةً وإرْفَاقًا للشَّخصِ المقترِضِ دونَ اشتراطِ زيادة، لِيَرُدَّ إليْهِ مِثلهُ؛ وقد عبَّر عن حقيقته الإمام الطاهر ابن عاشور بقوله في "التحرير والتنوير" (27/ 377، ط. الدار التونسية): [القرض الحسن: هو القرض المُسْتَكْمِلُ محاسِنَ نَوْعِهِ من كَوْنِهِ عن طِيب نفسٍ وبشاشةٍ في وجه الْمُسْتَقْرِضِ، وخُلُوٍّ عن كل ما يُعَرِّضُ بالْمِنَّةِ أو بتضييق أجل القضاء] اهـ.

وإذا كان الشرعُ الشريفُ قد رغَّبَ في القَرْضِ الحَسَنِ وأجزل الثواب للمُقْرِضِ، وحثَّ على قضاء حوائج الناس وتفريج كروبهم، فإنَّه أيضًا قد نهى عن استغلال حوائج الناس وإيقاعهم في الحرج الذي يدفعهم لارتكاب المحظور؛ لذا كان الأصل في القرض ألَّا يَجُرَّ للمقرِض نفعًا، وأن يكون غير مشروط بزيادةٍ على أصله، وأن يكون على سبيل الترفُّق لا التربُّح؛ لأنَّه من عقود التبرعات لا المعاوضات. ينظر: "بدائع الصنائع" للإمام الكاساني الحنفي (7/ 395، ط. دار الكتب العلمية)، و"الكافي" للحافظ ابن عبد البر المالكي (2/ 728، ط. مكتبة الرياض الحديثة)، و"المجموع" للإمام النووي (13/ 170، ط. دار الفكر)، و"المغني" للإمام ابن قُدَامَة الحنبلي (4/ 240، ط. مكتبة القاهرة).

كيفية سداد القرض عند تغير قيمة العملة

الأصل أن يتم سداد القرض بمثله؛ فإنه من المقرر شرعًا وفاء القرض بمثلهِ قدرًا وصفةً بالنسبة للنقود الورقية، لأنها من الأموال المثلية، وتُرد بمثلها طالما لم ينقطع التعامل بها، ولا أثر لغلائها أو رخصها في سداد القرض ما دامت صالحة للتعامل ولم يحصل لها انهيار في القيمة.

قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (7/ 395) في شرائط القرض: [أن يكون ممَّا له مثل؛ كالمكيلات والموزونات والعدديات المتقاربة، فلا يجوز قرض ما لا مثل له من المذروعات، والمعدودات المتقاربة؛ لأنه لا سبيل إلى إيجاب رد العين ولا إلى إيجاب رد القيمة؛ لأنه يؤدي إلى المنازعة لاختلاف القيمة باختلاف تقويم المقومين؛ فتعين أن يكون الواجب فيه رد المثل؛ فيختص جوازه بما له مثل] اهـ.

وقال العلامة علي أبو الحسن المالكي في "كفاية الطالب الرباني" (2/ 162، ط. دار الفكر): [(وإن كان) مثليًّا (ممَّا يوزن أو يكال) أو يعد (فليرد مثله..)] اهـ.

وقال الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (3/ 33، ط. دار الكتب العلمية): [(ويرد) في القرض (المثل في المثلي)؛ لأنه أقرب إلى حقِّه] اهـ.

وقال الإمام الرُّحَيْبَانِي الحنبلي في "مطالب أولي النهى" (3/ 242-243، ط. المكتب الإسلامي): [(ويجب) على مقترض (رد مثل فلوس) اقترضها، ولم تحرم المعاملة بها.. قَالَ الْمُوَفَّقُ: إذا زادت قيمة الفلوس أو نقصت رد مثلها؛ كما لو اقترض عرْضًا مثليًّا؛ كبُرٍّ وشعير وحديد ونحاس، فإنه يرد مثله وإن غلا أو رخص؛ لأن غلو قيمته أو نقصانها لا يسقط المثل عن ذمة المستقرض] اهـ.

الأتفاق بين المُقرض والمقترض على سداد القرض بعملة مختلفة يوم السداد

بالنسبة للصورة المسؤول عنها من حصول الاتفاق بين الطرفين -الـمُقرِض والمقترض- على سداد القرض بعملة مختلفة يوم السداد المتفق عليه فإنه يجب على الطرفين الالتزام بذلك ولو قَلَّ سعرُ العملات أو زاد عن سعرها وقت الاقتراض.

وقد اتفق جمهور الفقهاء من الحنفية -خلافًا لزفر- والمالكية والشافعية في الأظهر والحنابلة على مشروعية اقتضاء الدَّين بعملةٍ مختلفةٍ مع اشتراط أن يكون هذا يوم السداد لا قبل ذلك، وأن يتم القبض قبل الافتراق، وزاد بعضهم على ذلك كون الأجل حالًّا لا مؤجلًا.

قال العلامة ابن نُجَيْم الحنفي في "البحر الرائق" (6/ 216، ط. دار الكتاب الإسلامي): [لو تصارفا دراهم دَينًا بدنانير دَينًا صح؛ لفوات الخطر] اهـ.

وجاء في "المدونة" (3/ 27، ط. دار الكتب العلمية): [الرجل يكون له على الرجل دراهم دَينًا إلى أجلٍ، فيريد أن يصرفها منه بدينار نقدًا، قلت: أرأيت لو أن لي على رجل دراهم دَينًا من قرضٍ أو من بيعٍ إلى أجلٍ، فأخذت بها منه دنانير نقدًا أيجوز هذا في قول مالك أم لا؟ قال: لا يجوز هذا، وهذا ممَّا لا يحلّ وهو من بيع الدراهم إلى أجلٍ بدنانير نقدًا، ولو كانت حالَّة لم ير به بأسًا] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "روضة الطالبين" (3/ 514-515، ط. المكتب الإسلامي): [إذا باع بدراهم أو دنانير في الذمة، ففي الاستبدال عنها، طريقان؛ أحدهما: القطع بالجواز، قاله القاضي أبو حامد، وابن القطان. وأشهرهما على قولين: أظهرهما، وهو الجديد: جوازه] اهـ.

وقال الإمام ابن قُدَامَة الحنبلي في "المغني" (4/ 38): [ويجوز اقتضاء أحد النقدين من الآخر، ويكون صرفا بعينٍ وذمةٍ، في قول أكثر أهل العلم] اهـ.

والأصل في ذلك ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: كنتُ أبيعُ الإبل بالبقيع فأبيع بالدنانير، وآخُذُ الدراهم وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير، آخُذُ هذه من هذه وأُعْطِي هذه من هذه، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو في بيت حفصة فقلت: يا رسول الله، رُوَيْدَكَ أسأَلُكَ إنِّي أبيع الإبل بالبقيع؛ فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير، آخذ هذه من هذه وأعطي هذه من هذه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لَمْ تَفْتَرِقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ» أخرجه الإمام أبو داود والترمذي والنسائي في "سننهم".

وفي هذا الحديث دلالة على جواز الاقتضاء بعملة أخرى غير ما تمّ التعاقد عليها؛ قال الإمام الخطابي في "معالم السنن" (4/ 73-74، ط. المطبعة العلمية): [اقتضاء الذهب من الفضة، والفضة من الذهب عن أثمان السلعة هو في الحقيقة بيع ما لم يقبض؛ فدل جوازه على أن النهي عن بيع ما لم يقبض إنما ورد في الأشياء التي يبتغى ببيعها وبالتصرف فيها الربح؛ كما روي أنه نهى عن ربح ما لم يضمن، واقتضاء الذهب من الفضة خارج عن هذا المعنى؛ لأنه إنما يراد به التقابض والتقابض من حيث لا يشق ولا يتعذر دون التصارف والترابح، ويبين لك صحة هذا المعنى قوله: «لا بأس أن تأخذها بسعر يومها»؛ أي لا تطلب فيها الربح ما لم تضمن، واشترط أن لا يتفرقا وبينهما شيء؛ لأن اقتضاء الدراهم من الدنانير صرف، وعقد الصرف لا يصح إلَّا بالتقابض] اهـ.

وقال الإمام ابن بطال في "شرح صحيح البخاري" (6/ 305-306، ط. مكتبة الرشد): [وحجة مَن أجاز ذلك في الحالِّ وغير الحالِّ أن النبي عليه السلام لما لم يسأله عن الدَّين أحالٌّ هو أم مؤجلٌ، دلَّ ذلك على استواء الحكم فيهما ولو كان بينهما فرق في الشريعة لوقفه عليه. وأما تقاضي الدنانير من الدراهم، والدراهم من الدنانير من غير دَين يكون على الآخر، فأجازه عمر بن الخطاب وابن عمر، وروي عن عطاء وطاوس والحسن والقاسم، وبه قال مالك والثوري والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور، وقال كثير منهم: إذا كان بسعر يومه. ورخص فيه أبو حنيفة بسعر ذلك اليوم وبأغلى وأرخص] اهـ.

تجديد الإتفاق على اعتبار سعر صرف يوم السداد عند حلول أجل كل قسط

كما يظهر ممَّا سبق أنه يُشرع تجديد الاتفاق على اعتبار سعر صرف يوم السداد عند حلول أجل كلِّ قسطٍ في حالة إذا كان مبلغ القرض متفقًا على سداده في صورة أقساط يوم الاقتراض -كما هو الوارد في السؤال-؛ لسلامته من التأخير في عملية الصرف، ولأنه يكون حينئذٍ عقدًا جديدًا من وقت الاتفاق على السداد من غير استنادٍ إلى ما قبله، وهو يوم الاقتراض.

ووجه ذلك: أن الدَّين ثابت في ذمة المقترض قبل حدوث عقد الصرف، ومعلومٌ أنَّ القرض سبب من الأسباب التي تعتبر مصادر للالتزام؛ ولذا فحين يتفق المقرض والمقترض على سعر السداد عند حلول أجلِ كلِّ قسطٍ من الأقساط، فإنَّهما قد تراضيا بإرادتهما وبصورة اختيارية على إجراء المقاصة بجعل مقابل عملة الدَّين عملة السداد وفق سعر صرف يوم السداد؛ قصاصًا بالدَّين الثابت في ذمة المقترض المتصارف؛ ويعتبر هذا بمثابة أنهما عَقَدَا عقدًا جديدًا؛ ومن ثَمَّ يتضمن انفساخ الاتفاق الأول، وانعقاد صرفٍ آخر يتجدد بتجدد أجلِ سدادِ كلِّ قسطٍ؛ جريًا على ما قرره فقهاء الحنفية في الأصح من أنه يجوز للعاقديْن تعديل الاتفاق وتجديد الشروط في المقاصة سواء كان الدَّين موجودًا قبل عقد الصرف أو بعده.

قال العلامة الزيلعي الحنفي في "تبيين الحقائق" (4/ 140، ط. الأميرية): [ ألَا ترى أنهما لو تصارفا دراهم دين بدنانير دين يصح لفوات الخطر لكون كلِّ واحدٍ منهما ثابتًا قبل البيع ويسقط بالبيع، وأما إذا باعه بعشرة مطلقة، ثم تقاصا، فالمذكور هنا استحسان.. وجه الاستحسان أنهما لما تقاصا تضمَّن انفساخ الأول وانعقاد صرف آخر غير الأول مضافًا إلى العشرة الدَّين؛ إذ لولا ذلك لكان استبدالًا ببدل الصرف فثبتت الإضافة اقتضاء، كما لو تبايعا بألف ثم جدَّدَاه بألفٍ وخمسمائة فإن البيع الأول ينفسخ ضرورة ثبوت الثاني اقتضاء؛ فكذا هذا، ولا فرق في ذلك بين أن يكون الدَّين موجودًا قبل عقد الصرف، أو حصل بعده، وقيل: لا يجوز التقاص بدينٍ حادثٍ بعد الصرف؛ لأنه يكون تقاصَا بدَينٍ سيجب، والأول هو الأصح؛ لأن التقاص هو الذي يتضمن الفسخ للصرف الأول، وإنشاء صرفٍ آخر فيكتفى بوجود الدَّين عنده؛ لأنه يكون عقدًا جديدًا من ذلك الوقت من غير استناد إلى ما قبله، فلا حاجة إلى سبق وجوبه] اهـ.

وقال أكمل الدِّين البابرتي الحنفي في "العناية شرح الهداية" (7/ 151، ط. دار الفكر): [ووجه الأصح: أن قصدهما المقاصة يتضمن الانفساخ الأول والإضافة إلى دين قائم وقت تحويل العقد فيكون الدين حينئذٍ سابقًا على المقاصة] اهـ.

التحذير من تقاعس المقترض عن سداد القرض مع قدرته على السداد

تقاعس المقترض عن السداد مع القدرة عليه منهي عنه شرعًا؛ وذلك بما تقرَّر بما أخرجه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ».

مطل الغني؛ أي: تأخيره أداء الدَّين من وقتٍ إلى وقتٍ، والمطل: منع أداء ما استحق أداؤه، وهو حرام من المتمكن، فيحرم على الغني الواجد القادر أن يمطل بالدين بعد استحقاقه، ولو كان غنيًّا ولكنه ليس متمكنًا جاز له التأخير إلى الإمكان، وفي الحديث: الزجر عن المطل.

قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (10/ 227، ط. دار إحياء التراث العربي): [قال القاضي وغيره: المطل منع قضاء ما استحق أداؤه؛ فمطل الغني ظلم وحرام، ومطل غير الغني ليس بظلم ولا حرام؛ لمفهوم الحديث، ولأنه معذور، ولو كان غنيًا ولكنه ليس متمكنًا من الأداء لغيبة المال أو لغير ذلك: جاز له التأخير إلى الإمكان وهذا مخصوص من مطل الغني، أو يقال المراد بالغني المتمكن من الأداء فلا يدخل هذا فيه] اهـ.

ونهيب بمن يقترض من أخيه لتفريج كربة وقضاء حاجة أن يحسن الأداء؛ فلا يليق مقابلة إحسان المقرض للمقترض إلَّا أن يقابل بالإحسان؛ قال تعالى: ﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ﴾ [الرحمن: 60]، وفي الحديث: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ قَضَاءً» رواه الإمام أحمد في "المسند" والنسائي في "السنن" واللفظ له، وفي حديث آخر: عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «رَحِمَ اللَّهُ عَبْدًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ، سَمْحًا إِذَا اشْتَرَى، سَمْحًا إِذَا اقْتَضَى» رواه ابن ماجه في "السنن".