قصة البطلة المصرية ”أم رفاعي” مع جنود أكتوبر على الجبهة

رئيس مجلس الإدارة:محمود علىرئيس التحرير: شريف سليمان
اطلاق مبادرة فتح مستشفيات الشرطة للكشف على الأطفال ذوي الهمم تنفيذ 66200 حكما بالغرامة خلال يومين توزيع 7000 بطانية على الأسر الأولى بالرعاية فى الدقهلية إحباط ترويج 15612 قرصا مخدرا فى يومين إدارة «بايدن» ترفض قرار اعتقال نتنياهو وجالانت اطلاق نار كثيف في جوبا عاصمة جنوب السودان الأردن: إسرائيل تمنع دخول المساعدات إلى غزة بهدف التطهير العرقي استشهاد فلسطينيين في قصف إسرائيلي على خان يونس الجنائية الدولية: ندعو الدول الأعضاء وغير الأعضاء إلى التعاون بشأن مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو وجالانت الحكومة البريطانية: نحترم استقلال المحكمة الجنائية الدولية البرلمان الأوروبي يعيين الإيطالي رافائيل فيتو نائبًا تنفيذيًا وصايا الرئيس السيسي لأبنائه من القوات المسلحة باعتبارهم خط المواجهة الأول

منوعات

قصة البطلة المصرية ”أم رفاعي” مع جنود أكتوبر على الجبهة

أم رفاعي مع الجنود
أم رفاعي مع الجنود

"أنتم ولادى.. حتروحوا فين.. يانموت سوا.. يا نعيش سوا.. خلوها على الله".. بهذه الكلمات البسيطة المفعمة بالإيمان والتسليم وحب الوطن حتى النخاع طمأنت "أم رفاعي" السيدة البسيطة الخمسينية الجنود المصريين الذين وجدوا في بيتها بفايد ملاذًا آمنًا حتى يستعيدوا قوتهم وأسلحتهم ويواصلوا الحرب ضد العدو، ويواصلوا معًا كتابة سطور الملحمة التاريخية والانتصار الذى لن ينسى فى أكتوبر 1973.

تحت عنوان "أم رفاعي.. بطلة من الجبهة"، شارك الأديب الراحل جمال الغيطاني على صفحات جريدة الأخبار قصة البطلة المصرية البسيطة التى كانت أمًا لتسعة أبناء كان أحدهم فى ساحة القتال وقت اندلاع الحرب، ما جعلها ترى ابنها فى وجوه كل الأبطال على الجبهة.

حرب أكتوبر

وكتب الغيطاني في مقاله الذي أعيد نشره فى كتابه "على خط النار"، أن الجميع في فايد بالإسماعيلية يعرفون "أم رفاعي"، خاصة رجال القوات المسلحة الذين حاربوا العدو في منطقة الثغرة، وشهدت الاشتباكات ومعارك قواتنا ضد العدو من بيتها الذي يقع على بعد أمتار من قناة السويس، عاشت فرحة العبور، وعندما بدأت قوات العدو محاولتها البائسة فوق الضفة الغربية عندما بدأت دبابات العدو تطارد المدنيين العزل اقتحموا فايد، يقلبون الدنيا بحثا عن جندى مصرى واحد لكي يغتالوه بعد أن فقد سلاحه فى القتال، هنا بدأ دور هذه السيدة البسيطة الذي يلخص عظمة الشعب المصرى، وشجاعته. ويبلور عناصر أصالته.. العدو يشن حملات مجنونة ضد جنود قواتنا المسلحة على منطقة الثغرة رفاعى الابن الاكبر والعامل بمجلس المدينة يلتقى بأربعة من رجالنا ، قاتلوا حتى آخر طلقة، فقدوا سلاحهم. لا يستطيعون الانضمام إلى أى وحدة فى القوات المسلحة لان المنطقة محاصرة.

يدعوهم إلى البيت، أم رفاعى ترحب وتقول: إن ما شالتكوش الأرض، تشيلكو عنينا .. إحنا لينا رجاله في الجيش برضه". وهذا حقيقى، فالابن الثانى محمد جندى فى القوات المسلحة من فترة قريبة تزوج وزوج ابنتها كان مجندا حتى وقت قريب. بدأت أم رفاعى تدبر أمر اقامة الرجال أحضرت ملابس لهم وكان العدو يدهم فايد بين وقت وآخر بحثا عن الرجال. وكان بيت أم رفاعى معرض كغيره للتفتيش.. والعثور على جندى معناه قتله في الحال. هكذا كان يفعل الجبناء.

كان أولادها وشقيقتها الصغرى رصدوا حركة العدو، عرفوا - ما هو أنه يجيء يوم بعد يوم، وفى ميعاد محدد الساعة التاسعة صباحا، تعمدت أم رفاعي أن تترك باب البيت الخارجى مفتوحا لان الأبواب المغلقة تثير الشكوك والريبة، يحيطون شقيقة أم رفاعى خارج البيت أربعة يحوطونها بالرشاشات، رفع يدها إلى أعلى سألوها هل أنتى متزوجة؟ وبرغم أنها لاتزال فتاة فقد قالت لهم إنها متزوجة، وأن زوجها فى مصر، سألوها هل يوجد أحد عندهم، وفي هذه اللحظة تخرج أم رفاعى، ويري جنود العدو فلاحة مصرية قصيرة القامة لكنها مرفوعة الرأس، ترتدى الثياب السوداء البلدية للفلاحة المصرية، تقول لهم بثبات نادر، أن البيت خال من الرجال وتطلب منهم أن يدخلوا ليفتشوا .. أنا لما أقول لهم ..أدخلوا .. حيروح الظن من دماغهم... ويدخل اليهود البيت أكثر من مرة لكنهم لا يعثرون على أحد، كيف هذا؟ هو السرالذي تحتفظ أم رفاعى حتى الآن به.

وتعود أم رفاعى لتدبر اللقمة لضيوفها ولتبدى ترحيبا بهم اذ يعبرون من خجلهم من البقاء معها، تقول من عمق أصالة قدرها ألاف السنين - "أنتم ولادى.. حتروحوا فين.. يانموت سوا.. يا نعيش سوا .. خلوها على الله" .

كان للرجال وثائق وصور هامة داخل بيت قريب من مطار فايد، وبدا مستحيلا ذهاب أحدهم إلى هناك وهنا تتقدم الشقيقة الصغرى لأم رفاعي تمضى إلى البيت على مرأى من اليهود ويعترضها بعضهم فتقول لهم إنها نسيت حاجة هناك ستحضرها وتعود بها ، وتدخل البيت بالمفتاح الذى اعطاه لها الرجال. تحضر كل ما طلبوه منها ، وتدفن بعض الأشياء. وتعود في الطريق ممسكة بيد الابنة الصغرى لام رفاعي (وزة) وفوق رأسها مشنة مليئة بالوثائق والأوراق في نفس الوقت أحضر رفاعى الابن الاكبر بعض تصاريح الاقامة من مجلس المدينة. يضع صوراً للرجال في البطاقات، يستعمل البريزة كختم رسمى: يغمسها فى الحبر وطبع النسر على البطاقة حتى يبدو الأمر متقبلاً.

واستمرت الإقامة السرية بعض الوقت وحان وقت رحيل الرجال حصل الرجال على السلاح. وكان لابد أن يلتحقوا بالوحدات. واستطاعت أم رفاعى أيضا أن تدبر وسيلة وأوى آخرون إلى بيتها، وفي إحدى المرات جاء ابنها باثنين رفضا الاقامة فى نفس البيت عندئذ أوتهما في بيت خال قريب. أعطتهما فراشا وغطاء، وبابور، وكان أطفالها الصغار يمضون إليهما بالطعام في خفية."

امتنان عميق وتقدير حمله المقاتلين لأم رفاعي، دفعهم إلى زيارتها خصيصًا رغم أنهم يعيشون في محافظات مختلفة، لكنهم يحرصون في إجازاتهم على زيارة الأسرة التي أوتهم وقدمت لهم المساعدة وقت الشدة.

أم رفاعي