مقالات
وائل الأمين يكتب: طوفان الأقصى أغرق نتنياهو في وحل غزة
بقلم: وائل الأمينلم يكن حدث اختراق الحاجز الحديدي بين غزة وغلافها خبراً عادياً، بل كان بداية العملية الأكبر في تاريخ الكيان الصهيوني منذ 1973 عندما دمر الجيش المصري خط بارليف، ولكن لطوفان الأقصى عدة دلالات في التوقيت والهجوم والسرية ماهي؟
استطاعت المقاومة الفلسطينية أن تعمل بصمت في سنوات خلال التحضير لهذه العملية وفق الكثير من أعضاء المكتب السياسي لحركة حماس، وهو ما يفسر امتناع الحركة في المشاركة في جولات الحرب الماضية إلى جانب الفصائل الأخرى، ليأتي يوم السبت 7 من تشرين الأول الجاري في الصباح الباكر لتعلن فيه المقاومة عملية طوفان الأقصى.
من حيث الهجوم استطاعت المقاومة الفلسطينية أن تكسر كل الفرضيات التي تقول أن المقاومة في غزة محاصرة وهي لا تقوى على هجوم شامل، بعد هذه العملية يمكن القول أنها قامت بكسر وهزم الجيش الذي طول عقود من الزمن تم تصديره على أنه لا يقهر، ناهيك عن الفشل الاستخباراتي الذي أثبت أن الكيان نمر من ورق.
كل هذه الأحداث تجعلنا نقف أمام حدث مهم للغاية وهو انزلاق المنطقة نحو حرب شاملة ولكن كيف؟ إن تحرك المقاومة اللبنانية في الحدود اللبنانية الفلسطينية يشير إلى أنها أرسلت عدة رسائل إلى الكيان مفادها إياكم وتخطي الحدود الحمراء، والتي تتمثل باجتياح بري لغزة، هذه منطقة حمراء لا يمكن لمحور المقاومة ككل أن يسمح باجتياح بري ليس فقط حزب الله في لبنان وإنما في سورية والعراق واليمن وطهران.
وإذا ما قامت إسرائيل بهذا العمل ستجد نفسها أمام معركة قد تكون نهايتها مسحها من الخريطة، فالمقاومة في العراق قالت أن كل القواعد الأمريكية في المنطقة ستكون هدفاً مشروعاً لصواريخنا، وهذا التصريح لم يأتي إلا بعد إرسال أمريكا لحاملة الطائرات جيرارلد فورد الأحدث في الأسطول الأمريكي، وهذا تدخل صريح في الحرب على الشعب الفلسطيني وكذلك في اليمن قد استعدوا جيداً لهذا السيناريو الذي بات أقرب للتحقق بعد الحديث الكثير من مصادر أمنية أن الاجتياح الإسرائيلي لغزة هو المطلب الآن داخل أوساط الكيان الصهيوني.
كل المؤشرات تدل على أن المنطقة ذاهبة للتصعيد، وأيُ تصعيد ها قد يجعل المنطقة تُرسم من جديد، فعملية طوفان الأقصى استطاعت أن تقلب قواعد الاشتباك وأن تعيد القضية الفلسطينية للواجهة لدى كل الشعب العربي وكل الشعوب الحرة في العالم، فحملات التضامن مع غزة قد تخطت كل الجغرافيا والحدود.
يبدو أن سورية قد أرسلت رسالة حادة للكيان على جبهة الجولان المحتل وقد قرأ الاحتلال هذه الرسالة وفهمها جيداً، فهو الذي يخشى أن تُفتح النيران عليه من كل حدب وصوب، خصوصاً أن ما يعيشه في الداخل يجعله أكثر تفككاً وهزيمة، فحكومته لا تستطيع تبرير الفشل الاستخباراتي والعسكري الذي أصاب الجيش والشرطة حتى أن المستوطنين قالو أن جيشهم تخلى عنهم.
في الأيام القليلة القادمة سيسعى الاحتلال والقوى الداعمة له على الضغط السياسي والدبلوماسي لعقد وقت إطلاق النار بين المقاومة والاحتلال، ربما تكون بدواعي إنسانية فالكوارث التي ارتكبها الجيش الأحمق في غزة من استهداف للمدنيين والبنية التحتية واستخدام قنابل الفوسفور الأبيض قد تنذر بتطهير كامل للشعب الفلسطيني، ولذلك قد تكون هذه الخطوة جيدة للمدنيين.
اليوم السادس من عملية طوفان الأقصى وما زالت المقاومة تمسك بخيوط المعركة بكل تفاصيلها، خصوصاً استمرار الوحدات الصاروخية في المقاومة بقصف الكيان في عسقلان وسديروت وتل أبيب وغيرها من المدن المحتلة، وهذا دليل على أن المقاومة قد أعدت طويلاً لهذه المعركة وكذلك أن الغارات الجوية الإسرائيلية لا تضر بالبنية التحتية والاستراتيجية التي تستخدمها المقاومة من أنفاق وقواعد إطلاق صواريخ وطائرات مسيرة وغيرها الكثير.
قد يكون الكيان الإسرائيلي هو الخاسر الأكبر في هذه المعركة من حيث عدد القتلى والجرحى والأسرى الذين بدأوا يشكلوا عامل ضغط على نتنياهو الذي سيطيح به طوقان الأقصى كما أطاحت حرب تموز بأولمرت عام 2006، وإن غداً لناظره قريب.