تقارير وتحقيقات
آخر حوار لعميد الأدب العربي.. طه حسين دافع عن مجانية التعليم ويكشف سر القضاء على الصهيونية |صورة
عبير سليمانفتحت مجلة "الجديد" الصادرة عن وزارة الثقافة والإعلام (الهيئة العامة المصرية للكتاب) صفحاتها لعميد الأدب العربي طه حسين، وذلك في عام 1972م، وقبل رحيل عميد الأدب العربي طه حسين بعام واحد، وكان الحوار بعنوان "الشباب يسأل.. وطه حسين يجيب"، وقد قدّم الأسئلة لعميد الأدب العربي كلا من: السيد الباز صالح، وفتحي المجاهد الجمال.
وقد كشف الحوار الصحفي الذي تنشر "جريدة الدفاع العربي" مقتطفات منه في الذكرى الخمسين لرحيل عميد الأدب العبي، الكثير من الأمور الغامضة في التاريخ، منها صراع طه حسين مع الملك فاروق الأول بسبب قضية "مجانية التعليم"، وكذلك تبرئة عميد الأدب العربي للكاتب محمد حسين هيكل في تدبير مؤامرة ضده في الجامعة.
وقد أجاب طه حسين عن سؤال كيفية تدريس اللغة العربية وآدابها في الجامعة المصرية بأنه غير راض عنها، فهي طريقة تعقد الأمور أمام الذين يدرسونها، مما جعلهم يعتقدون بصعوبتها، مؤكدا على أنه حين كان طالبا كتب تحليلا في "نظرات النظرات" للمنفلوطي، وقد نُشر التحليل في مجلة" روز اليوسف".
أكد طه حسين على تشاؤمه من مستقبل الأدب العربي؛ بسبب أن الأدباء لا يقرءون بما فيه الكفاية، مطالبا الأدباء بقراءة كتاب "الحيوان" للجاحظ، وأضاف طه حسين أن التراث العربي أدى دوره بما فيه الكفاية، أما طريقة إحياء التراث فهو غير راض عنها؛ لأنه كان يتمنى أن تبذل الدولة مجهودًا في إحياء التراث ولا تتركه للمجهودات الخاصة، مستغربًا من كثرة المطابع ورغم ذلك لا يوجد اهتمام بالتراث كذلك الي كان موجودًا في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين.
عبر طه حسين عن رفضه القاطع للشعر "الحر" أو "شعر التفعيلة"، مؤكدًا على أن الشعر التقليدي تطور تطورًا كبيرًا، وهو قادر على ملاحقة التطور بدلا من شعر التفعيلة، مؤكدا على أن نظرية الأدب من أجل الأدب كلام فارغ، كما أكد على أننا لا نستطيع أن ننفك من تراثنا، فنحن مُرغمون على ذلك ولا يمكن الانفصال عنه.
وأوضح طه حسين أن الأدب سيبقى رغم التقدم العلمي، فلا يمكن تصور مجتمع بدون أدب، فالأدب ظاهرة من ظواهر المجتمعات المتقدمة، ومادام هناك مجتمع متقدم فهناك أدب متقدم، والأدب الجميل هو متعة للنفس والذوق وغذاء للعقل، وليست هناك حضارة مادية فقط، وإلى جانب الحضارة المادية يكون الأدب والفلسفة والفنون.
وكشف عميد الأدب العربي سر صراعه مع إسماعيل صدقي، مؤكدًا على أنه رغم الاختلاف بينهما إلا إنهما كانا أصدقاء، وقد قابل صدقي العميد في باريس، وكان هذا آخر لقاء بينهما حيث مات صدقي في فرنسا، وتم نقل جثمانه مثله مثل عدلي يكن وثروت باشا.
وأضاف العميد أن محاولة الاعتداء عليه في كلية الآداب كان خلفها محمود محمود باشا، وليس الدكتور محمد حسين هيكل، مؤكدا أن ما أوردته صحيفة "المصري" وقت الحادثة لم يكن صحيحًا، وعن سؤال أن الكثيرين يأخذون على العميد عدم رد الإهانة التي وجهها له فاروق الأول أثناء حلف اليمين كوزير للمعارف بأنه جاء به بإرادة الشعب وليس من أرادته، أجاب العميد لقد رددت الإهانة للملك حين قررت تعميم مجانية التعليم، فلم يغضب الملك مثل غضبه من تعميم مجانية التعليم.
وأكد عميد الأدب العربي على أن عصور المعذبين في الأرض لن تنتهي، وأن ثورة يوليو 1952م لم تقض على البؤس ولن تستطيع أن تقضى عليه، مطالبا أن يكون التعليم الجامعي جديرًا باسمه، وهو التعليم العالي، وأن إصلاح التعليم الجامعي يكون من خلال إصلاح أستاذه، وعن سؤال كيف نقضى على الصهيونية والتي احتلت أجزاء من الأرض، أجاب طه حسين بأن القضاء عليها لن يكون إلا من خلال الحرب، وهذا ما حدث قبيل وفاته بأيام، حيث تمكن الجيش المصري من شن هجوم على إسرائيل لاسترداد الأرض وهى حرب أكتوبر المجيدة.