منوعات
فى ذكرى مولد سيدي عبد الرحيم القنائي.. حكاية شجرة أسد الصعيد
وكالاترصدت رسوم ولوحات علماء الحملة الفرنسية فى كتاب "وصف مصر"، الشجرة التى كانت تحيط بمقام سيدي عبد الرحيم القنائي، وفى ذكري الاحتفال بمولد القطب الصوفي الشهير، الموافق للنصف من شعبان كل عام، تتبع "بوابة الأهرام" في سلسلة الأشجار شجرة أسد الصعيد.
بدوره يقول الباحث فى التاريخ والتراث، الشاذلي عباس لـ"بوابة الأهرام"، إن الشجرة كانت فى الجهة الجنوبية أي القبلية من مقام سبدي عبد الرحيم القنائي على حسب رسومات الحملة الفرنسية، وقد اندثرت الشجرة بعد التطورات التى حدثت في تجديد وتطوير المسجد والمقام على مر الأزمنة، وقد كانت الشجرة يوضع فيها مركب سيدي عبد الرحيم القنائي، وهو المركب الذي لم يعد له وجوده، وقد ذكره حكمدار القاهرة توماس راسل.
يرصد كتاب مذكرات توماس راسل ترجمة مصطفي عبيد، أحداث عام 1908م حيث يذكر:"عندما كنت مفتشًا في عام 1908م في مديرية قنا، وقع عداء شديد بين قبيلتي المعازة ويذكرها الكتاب، نقلا عن الترجمة الحرفية "المعزة" وليس المعازة، وقبيلة العبابدة، ولم تهتم الحكومة بالأمر إطلاقًا ولكن حين بدأت الصناعات التعدينية بالقرب من البحر الأحمر من القصير، تعرضت الشركة للإعاقة بسبب المشكلات الثأرية بين القبيلتين.
تسبب الثأر في إعاقة وصول العمال واستمر الثأر بين القبلتين، مما دعا توماس راسل لعقد جلسة صلح، وعقد مجلس عرفي في محافظة قنا في 23 يناير 1909م، وقد تقابل الطرفان في مكان اختاروه بجوار جبانة سيدي عبدالرحيم القنائي الوالي المحلي للمدينة، حيث كان هناك قارب معلق فوق الأشجار ولا يتم إنزاله إلا مرة كل سنة خلال مولد الولي سيدي عبدالرحيم القنائي حيث يطوفون به.
وقد ولد سيدي عبدالرحيم القنائي، في مدينة ترغاى بإقليم سبتة بالمغرب، وعاش ودفن في قنا، حيث يشهد مقامه ومسجده المبني علي الطراز الأندلسي احتفاء كبيرًا من المواطنين، أو من حكام مصر على مدار التاريخ، ويقول المؤرخون، إن عبدالرحيم القنائي ابتلى باليتم صغيرًا، حيث كان يحب والده حبًا عميقًا، ويرى فيه المثل الأعلى والقدوة الحسنة، لذلك فقد تأثرت صحته وساءت حالته النفسية بسبب وفاته، فمرض مرضًا شديدًا، حتى أصبح شفاؤه ميئوسًا منه، مما جعل والدته تفكر في إرساله إلى أخواله في دمشق ثم يرتحل في عدة أقطار قبل أن يرتحل في قنا ويغير فيها اسمه من أسد لعبدالرحيم القنائي.
ويوضح الشاذلي عباس، أن الحملة الفرنسية رصدت مقامه في رسمة واضحة، كما أوقف عباس الأول والي مصر آنذاك، خمسين فدانًا، للصرف منها على ضريح سيدي عبدالرحيم القنائي، وفى عام 1931، عملت الحكومة المصرية له كسوة من أسلاك الذهب، وفي عام 1948، بنى له الملك السابق فاروق الأول الضريح الحالى، وفي عام 1967 أهدى إليه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر كسوة مطلية من الذهب، وذلك بعد حمايته من السيول الجارفة التي رصدتها جريدة الأهرام في خمسينيات القرن الماضي.
يضيف راسل، أنه تم نصب خيام لإيواء مجموعات المحاكمة وكانت تضم 200 من قبائل العرب وكان بعضهم يحملون صقورا بينما الآخرون يجرون كلابا، وشارك البشارية في الجلسات بشعورهم الطويلة ورماحهم ذات الرؤوس المخفية، وثبتت الأسلحة علي حوامل خارج المحكمة.
ويضيف الشاذلي عباس، أن أغلب الظن أن الشجرة كانت تنتمي لفضيلة شجر الجميز أو الأثل، مؤكدا علي أن رمزية المركب فى الصوفية متأصلة، كما أن لكل ولي من الأولياء شجرة، مضيفًا أن الجغرافيا القديمة للمقام والمسجد كانت تحوطهما الأشجار والزروع خلاف الوقت الحاضر.
ويقول عبد الرحمن الخطيب، أحد أحفاد سبدي عبد الرحيم القنائي، إنه تم تخصيص أوقاف كثيرة للمسجد من الزراعات، منذ عصر شيخ العرب همام، مضيفا أن الوثائق القديمة تثبت كيفية الاحتفال بمولده وكيف قام المعلم حوت شيخ النجارين بصناعة الكثير من المجسمات الخشبية فى المسجد التى تظهر براعته.
وقد ألف سيدي عبد الرحيم القنائي، عدة مؤلفات منها تفسير القرآن الكريم، ورسالة في الزواج، وكتاب الأصفياء وأحزاب وأوراد وكلمات كثيرة في التصوف نُشرت في طبقات الشعراني، وطبقات السبكي، وطبقات المناوي القنائى.
مسجد سيدي عبد الرحيم القنائي
مسجد سيدي عبد الرحيم القنائي
مولد سيدي عبد الرحيم القنائي قديما