منوعات
المؤثرون على السوشيال ميديا.. هل يستحقون الشهرة أم مجرد ظاهرة عابرة ؟

مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، ظهرت فئة جديدة من المشاهير، يعرفون بالمؤثرين، الذين أصبحوا يتمتعون بمتابعة جماهيرية واسعة، سواء بسبب محتواهم المفيد أو لمجرد إثارة الجدل. لكن هل يستحق هؤلاء هذه الشهرة؟ أم أنها مجرد ظاهرة مؤقتة ستتلاشى مع الوقت.
المؤثرون.. إعلام جديد أم مجرد ضجيج؟
يقول د. ياسر عبد الحميد، أستاذ الإعلام الرقمي ، أن السوشيال ميديا غيرت مفهوم الشهرة، فلم يعد الأمر مقتصرًا على الفنانين أو الإعلاميين، بل أصبح أي شخص يمتلك هاتفًا وإنترنت قادرًا على صنع محتوى يجذب الجمهور، لكن التحدي الحقيقي هو في نوعية المحتوى، فهناك مؤثرون يقدمون محتوى تعليمي وثقافي، وآخرون يعتمدون على التريندات والإثارة فقط، وهو ما يجعلنا نتساءل عن مدى استدامة هذه الشهرة.
أما د. منى صبري، أستاذة علم الاجتماع، فترى أن الأمر يعكس تحولات اجتماعية عميقة، وتوضح الشباب اليوم أصبحوا يبحثون عن قدوة مختلفة عن الماضي، لم يعد السياسيون أو العلماء هم النماذج التي يسعون لتقليدها، بل تحول الاهتمام إلى مشاهير الإنترنت، الذين يعكسون أسلوب حياة سهل وسريع الشهرة. المشكلة أن بعض المؤثرين يروجون لثقافة الاستهلاك والبحث عن الشهرة بأي وسيلة، دون أي مضمون حقيقي.
المؤثرون في التسويق.. أداة قوية أم خدعة؟
مع ازدهار التسويق الرقمي، أصبحت العلامات التجارية تعتمد بشكل متزايد على المؤثرين للوصول إلى الجمهور، لكن هل هذا فعّال دائمًا؟
قال أحمد خالد، مسؤول تسويق بإحدى الشركات الكبرى، أن الاعتماد على المؤثرين في التسويق أصبح أمرًا ضروريًا، لأنهم يتواصلون مع الجمهور بطريقة شخصية أكثر من الإعلانات التقليدية لكن المشكلة تكمن في انتشار المؤثرين غير الموثوقين، الذين يروجون لأي منتج دون تجربته، مما قد يضر بمصداقية العلامة التجارية.
وفي المقابل، يرى عمر السعيد، خبير تسويق رقمي، أن بعض الشركات بدأت تقلل من اعتمادها على المؤثرين، موضحًا أن كثيرًا من العلامات التجارية أدركت أن أرقام المتابعين وحدها لا تكفي، بل الأهم هو مدى التأثير الفعلي للمؤثر على جمهوره، ويضيف أن هناك مؤثرون يمتلكون ملايين المتابعين، لكنهم لا يحققون أي مبيعات فعلية، لأن متابعيهم لا يتفاعلون بجدية مع إعلاناتهم،و في المقابل، هناك مؤثرون أقل شهرة، لكن لديهم جمهور أكثر ولاءً ومصداقية، مما يجعلهم أكثر قدرة على تحقيق نتائج حقيقية للشركات.
ويؤكد السعيد أن اتجاهات التسويق الحديثة أصبحت تركز على ما يسمى بـ"الميكرو إنفلونسرز"، وهم المؤثرون الذين يمتلكون قاعدة متابعين أصغر ولكن أكثر تفاعلًا، مما يجعلهم خيارًا أكثر فعالية من حيث التكلفة والعائد على الاستثمار بالنسبة للشركات.
الجمهور.. بين التأييد والانتقاد
وبالحديث مع المتابعين، نجد أن الآراء متباينة حول دور المؤثرين ومدى استحقاقهم للشهرة.
ترى رانيا محمد، طالبة جامعية، أن بعض المؤثرين يقدمون محتوى مفيدًا وملهمًا، خاصة أولئك الذين يركزون على التعليم أو مشاركة تجارب حقيقية، إلا أنها تنتقد في الوقت نفسه انتشار مؤثرين آخرين يعتمدون فقط على استعراض حياتهم الشخصية أو افتعال الخلافات لجذب الانتباه، معتبرة أن هذا النوع من المحتوى غير مفيد.
أما أحمد سامي، موظف في قطاع خاص، فيعتقد أن الظاهرة أصبحت مبالغًا فيها، مشيرًا إلى أن بعض المؤثرين مجرد أشخاص محظوظين يجيدون لفت الأنظار، حتى لو كان محتواهم لا يحمل أي قيمة حقيقية، مضيفًا: "الشهرة اليوم أصبحت أسهل بكثير مقارنة بالماضي."
المؤثرون.. كيف يرون أنفسهم؟
من ناحية أخرى، يرى بعض المؤثرين أنهم لا يحصلون على التقدير الذي يستحقونه، معتبرين أن عملهم يتطلب جهدًا كبيرًا.
تقول سارة محمود، صانعة محتوى على إنستجرام الناس بتعتقد إن النجاح على السوشيال ميديا سهل، لكنه في الحقيقة محتاج مجهود كبير، لازم يكون عندك خطة محتوى، وتتابع التريندات، وتشتغل على نفسك ، الشهرة ممكن تيجي بسرعة، لكن الاستمرار محتاج إبداع وتطوير مستمر."
أما كريم ناصر، يوتيوبر وصانع محتوى، فيرى أن المشكلة في نظرة المجتمع "في ناس بتشوفنا مجرد ظاهرة عابرة، لكن الحقيقة إن الإعلام كله بيتجهللرقمنة، والسوشيال ميديا هي المستقبل، مش لازم كل المحتوى يكون ثقيل، في ناس بتحب المحتوى الترفيهي، وده شيء طبيعي."
القانون والتشريعات.. هل هناك رقابة.
مع تزايد عدد المؤثرين، بدأت بعض الدول في فرض قوانين تنظم عملهم، خاصة فيما يتعلق بالإعلانات المدفوعة والمحتوى المضلل.
قال المحامي ياسر فهمي، أنه قد بدأت الجهات المختصة بفرض رقابة أكبر على المؤثرين، خاصة فيما يتعلق بالإعلانات المخفية. من حق المستهلك أن يعرف إذا كان المحتوى الذي يشاهده إعلانًا مدفوعًا أم لا. كما أن بعض المؤثرين يروجون لمنتجات غير مرخصة، مما قد يعرضهم للمساءلة القانونية.
وفي النهاية، تبقى ظاهرة المؤثرين على السوشيال ميديا محل جدل، بين من يرى أنها تعكس تطورًا طبيعيًا في الإعلام، ومن يعتبرها مجرد موجة ستنحسر مع الوقت، ولكن في ظل استمرار تزايد الاهتمام بهذه الفئة، يبدو أن المؤثرين سيظلون جزءًا من المشهد الإعلامي، على الأقل في المستقبل القريب.