منوعات
المكملات الغذائية المغشوشة.. قنابل موقوتة تهدد صحة المصريين

في السنوات الأخيرة، انتشرت المكملات الغذائية بشكل واسع في مصر، سواء في الصيدليات أو عبر الإنترنت والمتاجر الرياضية. لكن مع تزايد الطلب، ظهرت مشكلة خطيرة: المكملات الغذائية المغشوشة، التي تباع دون رقابة صحية حقيقية، مما يهدد صحة آلاف المستخدمين. فمن يراقب صحة المصريين في ظل هذا الانتشار العشوائي؟ وهل القوانين الحالية كافية للحد من هذه الظاهرة؟
مستهلكون بين الضرر والاحتيال
قال أحمد صبري، 28 عامًا، رياضي مهتم ببناء العضلات، كنت أبحث عن مكمل بروتيني يساعدني في التمرين، فوجدت إعلانًا مغريًا على الإنترنت بسعر أقل من الصيدليات، اشتريته، وبعد أسبوعين من الاستخدام بدأت أشعر بآلام شديدة في المعدة ودوخة مستمرة عندما ذهبت للطبيب، اكتشفت أن المنتج مغشوش ويحتوي على مواد ضارة.
أما نهى علي، طالبة جامعية، فتعرضت لتجربة مختلفة مع مكملات التخسيس فقد رأيت إعلانًا على السوشيال ميديا لمنتج يساعد في فقدان الوزن سريعًا، اشتريته من صفحة على فيسبوك، وبعد استخدامه بأيام بدأت أعاني من سرعة ضربات القلب وارتفاع في الضغط. عندما استشرت طبيبًا، أخبرني أن هذه المنتجات غير مرخصة وقد تحتوي على مواد محظورة.
أطباء يحذرون من مخاطر المكملات المغشوشة
الدكتور خالد عبد الرحمن، أخصائي التغذية العلاجية، يؤكد أن المشكلة الأكبر تكمن في أن الكثير من هذه المكملات تحتوي على مواد مجهولة المصدر، مضيفًا أن بعض المكملات المغشوشة قد تحتوي على مواد كيميائية غير آمنة، مثل المنشطات أو مواد تسبب اضطرابات هرمونية. المشكلة أن الكثير من المستهلكين لا يدركون أن هذه المنتجات قد تضر بصحتهم على المدى الطويل.
فيما يحذر الدكتور محمود فؤاد، استشاري أمراض الباطنة، من استخدام المكملات دون إشراف طبي، الناس بتشتري المكملات بناءً على إعلانات مضللة، دون التأكد من مكوناتها، هناك حالات أصيبت بفشل كلوي وتسمم كبدي بسبب تناول منتجات غير مرخصة تحتوي على معادن ثقيلة ومواد كيميائية خطيرة.
أين دور الجهات الرقابية؟
وعن دور الحكومة في مواجهة هذه الظاهرة، يؤكد مصدر مسؤول في وزارة الصحة نقوم بحملات تفتيش دورية على الأسواق والصيدليات، وخلال الأشهر الماضية، ضبطنا مئات العبوات المغشوشة من مكملات البروتين والتخسيس والمقويات العامة، كما أننا ننسق مع الجهات الأمنية لملاحقة الصفحات الإلكترونية التي تروج لهذه المنتجات.
بينما يوضح مسؤول في هيئة الدواء المصرية أن هناك إجراءات رقابية صارمة، لكنه يعترف بوجود تحديات كبيرة،
السوق مليء بالمنتجات غير المرخصة، وبعضها يدخل البلاد عبر التهريب، نعمل على زيادة الرقابة، لكن المستهلك نفسه يجب أن يكون أكثر وعيًا، وألا يشتري أي منتج دون التأكد من مصدره.
تجار المكملات الرياضية: "هناك فوضى في السوق"
محمود عبد الله، صاحب متجر مكملات غذائية مرخصة، يشير إلى أن المنتجات الأصلية تعاني من منافسة غير عادلة بسبب انتشار المغشوش منها، ونحن نبيع المكملات المرخصة بأسعار معقولة، لكن للأسف، بعض الناس يفضلون شراء منتجات مجهولة المصدر من الإنترنت لأنها أرخص، المشكلة أن هذه المنتجات قد تكون غير آمنة، لكنها تغزو السوق بسبب غياب الوعي.
الإحصائيات تكشف حجم الكارثة
ووفقًا لتقرير صادر عن وزارة الصحة المصرية، فإن أكثر من 60% من المكملات الغذائية المتداولة خارج الصيدليات غير مرخصة، وبعضها يحتوي على مواد قد تشكل خطرًا على الصحة، كما أشارت تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن المكملات الغذائية المغشوشة أصبحت تجارة مربحة عالميًا، حيث تمثل ما يقرب من 10% من إجمالي المكملات الغذائية في الأسواق النامية.
كيف نحمي المستهلكين؟
كما أكد أحمد سمير، رئيس جهاز حماية المستهلك، أن هناك خطوات يجب اتخاذها لحماية المواطنين من الوقوع في فخ المكملات المغشوشة ، وهو عدم شراء أي مكمل غذائي من صفحات غير رسمية أو متاجر غير معتمدة ، التأكد من وجود ترخيص من هيئة الدواء المصرية على العبوة، بالإضافة إلي استشارة طبيب أو صيدلي قبل استخدام أي مكمل غذائي، والإبلاغ عن أي منتجات مشبوهة عبر الخط الساخن لوزارة الصحة أو جهاز حماية المستهلك.
وبين غياب الرقابة الكافية، وانتشار المنتجات المغشوشة، وغياب الوعي لدى بعض المستهلكين، تظل المكملات الغذائية المغشوشة خطرًا يهدد صحة المصريين. فهل تتحرك الجهات المعنية بشكل أكثر فاعلية لمواجهة الظاهرة، أم سيظل السوق مفتوحًا أمام منتجات مجهولة المصدر تهدد أرواح الملايين.