اقتصاد
بعد تصريحات رئيس الوزراء .. تباين آراء الخبراء حول الإجابة عن تساؤل: هل تجاوزت مصر الأزمة الاقتصادية؟
صرح رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي بأن مصر قد تجاوزت بالفعل الأزمة الاقتصادية، فيما اختلف الخبراء الاقتصاديين في الرد على تساؤلات حول هذا التصريح.
فقد طرح الخبراء تساؤلات بشأن كيفية تجاوز مصر لأزماتها الاقتصادية، في حين لا يزال المواطن المصري يعاني من ارتفاع الأسعار والتضخم الجنوني.
من هؤلاء الخبراء، يؤكدون بأن تصريحات مصطفى مدبولي تأتي متوافقة مع التقارير الدولية والتي أشارت في الفترات الأخيرة إلى تحسن مؤشرات الاقتصاد المصري.
فقد عبر تقرير لصندوق النقد الدولي، عن تفاؤل "حذر" حول تعافي الاقتصاد المصري، متوقعاً نمو الاقتصاد المصري بنسبة 4% في 2024-2025 يليه ارتفاع طفيف إلى 4.1% خلال 2025-2026.
لافتا إلى استمرار التحديات التي تواجه الاقتصاد المصري، بسبب معدلات التضخم المرتفعة والتي سجلت 20.4% في 2024-2025، مع توقعات بانخفاضها إلى 11.4% في 2025-2026.
جدير بالذكر، أن الاقتصاد المصري يستفيد من برنامج إصلاح اقتصادي مدعوم من صندوق النقد الدولي بقيمة 8 مليارات دولار، إضافة إلى استثمارات أجنبية كبيرة مثل صفقة رأس الحكمة بقيمة 35 مليار دولار مع صندوق الثروة السيادي الإماراتي.
وقد أكد مدبولي على حرص الحكومة على عقد سلسلة من الاجتماعات مع مسؤولي الغرف التجارية، وكبار المستوردين والمصنعين، لمتابعة آليات خفض الأسعار، موضحا أن تسعير الدولار أثناء الأزمة الاقتصادية كان يتم على أساس سعر السوق السوداء.
ولفت إلى أن المصانع لم تكن تعمل بكامل طاقتها بسبب نقص المعروض وندرة المواد الخام ومستلزمات الإنتاج، مؤكدا أن الدولة قد نجحت في التغلب عليها.
كما أشار الخبير الاقتصادي وأستاذ التمويل والاستثمار مصطفى بدرة، إن تصريحات مدبولي تأتي وفق نتائج مؤشرات الأداء خلال العام المالي 2024 – 2025، والتي تشير إلى زيادة معدلات النمو وزيادة الاحتياطي النقدي الأجنبي، إلى جانب ارتفاع تحويلات المصريين العاملين بالخارج إلى 26.4 مليار دولار، وزيادة الصادرات نسبياً، وتحسن مؤشرات السياحة، التي سجلت وفقا للبنك المركزي المصري، 12.5 مليار دولار، وهو ما أدى إلى تحسن سعر صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية.
مؤكدا أن الحكومة المصرية تطبق مبادئ الاقتصاد الحر، ولا رغبة لديها في تطبيق "التسعيرة الجبرية" للسلع والخدمات، لكن تعتمد آليات أخرى منها تفعيل الأدوار الرقابية على الأسواق، وإتاحة البدائل للسلع وزيادة المعروض.
إلى جانب جهود الحكومة الحالية في توفير الدولار بسعر البنك الرسمي للمستوردين والمنتجين، من اجل استقرار الأسعار.
في حين أكد الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية أن تصريحات مدبولي للاستهلاك المحلي، وتهدئة مخاوف المصريين.
ويؤكد عدم تحسن الوضع الاقتصادي في مصر، بدليل معدلات الأسعار مازالت عالية، وانخفاض دخل قناة السويس بسبب الاضطرابات الإقليمية، وعدم عودة معدلات تحويلات المصريين في الخارج كما كانت.
جدير بالذكر، أن الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس كان قد صرح عن فقدان حركة الملاحة في القناة أكثر من 50% من أعداد السفن منذ بدء الهجمات على السفن في البحر الأحمر.
ويشير رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية إن تصريحات صندوق النقد الدولي بشأن تحسّن معدلات الاقتصاد الكلي في مصر هي مجرد "حملات دعائية" من جانبه، فهو لا يريد أن يقول إنّ سياساته أسهمت في فشل الاقتصاد المصري وتراجع معدلاته.
كما صرح رشاد عبده إن سعر صرف الجنيه أمام الدولار لم يتحسن، والجنيه المصري يتأثر بأي اضطرابات خارجية، ومن الوارد جداً أن يُعَاوِد الارتفاع، لافتا إلى أن هذا التحسن هو تحسن نسبي "مؤقت" لا يُمْكِنُ القياس عليه، ولن يستمر طويلاً.
فيما صرح أستاذ الاقتصاد السياسي عبد النبي عبد المطلب تساؤل عن : اذا كانت الأزمة الاقتصادية قد انفرجت، فما الداعي لتأجيل المراجعة الخامسة وإدماجها مع السادسة لبرنامج الحكومة مع الصندوق؟
ولماذا تتحدث الحكومة عن تأجيل رفع شرائح الكهرباء والغاز المياه إلى شهر أكتوبر المقبل بسبب الظروف الاقتصادية وموجات الحرّ، لافتا إلى أن معدلات التضخم، لا تعكس تحسناً حقيقياً، فما زلنا نتحدث عن معدل تضخم بنحو 15%.
مؤكدا على أنه "عندما تستقر الأسعار ويشعر المواطن المصري بأن دخله متناسب مع احتياجاته، يمكن هنا الحديث عن انتهاء الأزمة الاقتصادية.
يأتي ذلك في الوقت الذي عكس فيه الجنيه المصري مساره الهبوطي وحقق صعوداً ملحوظاً أمام الدولار الأمريكي خلال الأسبوعين الماضيين.
فبعد أن بلغ أدنى مستوياته في مطلع أبريل عند 51.6 جنيهاً للدولار، وهو أدنى سعر يسجله منذ آخر تحرير لسعر الصرف في مارس، اقترب من 50 جنيهاً.
وبدأ الجنيه المصري في التعافي منذ منتصف أبريل، إلا أنه تعرض لضغوط جديدة مع تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل والضربات الأمريكية، ما أدى إلى تراجعه وفقدانه مكاسبه.
وبدأت سلسلة صعود الجنيه في الأسبوع الأخير من يوليو، ليواصل تعافيه حتى اليوم، مسجلاً أعلى مستوياته أمام الدولار منذ أكتوبر 2024، قرب 48.6 جنيها للدولار.
ورغم هذا التحسن، يتساءل مراقبون: هل هذا الصعود يعكس اقتصادا مدعوماً بأسس قوية؟ أم هو مجرد تعاف مؤقت؟