سلطنة عمان.. الدواء المر

رئيس مجلس الإدارة:محمود علىرئيس التحرير: شريف سليمان
الجامعة العربية تؤكد رفضها القاطع للتهجير القسري لسكان غزة والضفة والقدس ”اتحاد القبائل” ينظم فاعلية كبرى لتعزيز الوحدة الوطنية وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ وحدات ”سكن لكل المصريين” بعددٍ من المدن الجديدة وزير الصحة يؤكد اهتمام الدولة بتنشيط السياحة العلاجية رئيس هيئة الرعاية الصحية يشهد توقيع بروتوكول بين الهيئة وشركة ”إنجيج كونسلتينج” للاستشارات وزير الخارجية يلتقي عددا من السياسيين وممثلي المجتمع المدني السوداني خلال زيارته لبورسودان مصرع شخص وإصابة أخرين أثر سقوط سقف مسجد تحت الإنشاء وزير الدولة للإنتاج الحربي يتفقد (مصنع 99 الحربي) لدعم الإنتاج العسكري التلفزيون السوري: انفجار سيارة جراء عدوان إسرائيلي على طريق مطار دمشق الدولي وزير خارجية مالي: نرغب في الاستفادة من خبرات معهد الدراسات الدبلوماسية لنقل التجربة المصرية لباماكو الإفتاء: الرقية بالقرآن الكريم جائزة من كل مرض وزير الإسكان يتفقد مصنع المحركات بالهيئة العربية للتصنيع

مقالات

0

سلطنة عمان.. الدواء المر

الكاتب / ممدوح الشناوى
الكاتب / ممدوح الشناوى

لم يكن طريق ذلك الشاب الثلاثيني سهلا ولم تكن طريقته مألوفة لدى كثير من أبناء شعبه حين تولى مقاليد حكم سلطنة عمان منذ ما يقرب من 47 عاما ..ولكنه نجح بأسلوبه الفريد أن يجمع شتات شعبه ويوحد حوله القلوب ويوقف نزيف الدماء وهدر الطاقات والأموال على نزاعات قبلية وحروب أهلية لا تنتهي ولا تهدأ .


لقد أسس السلطان قابوس بن سعيد منهجًا فذًا في حكم الشعوب كانت له فلسفته الخاصة وأسلوبه المميز والذي كانت أولى مبادئه البحث عما يؤلف الناس ويجمعهم تحت لواء واحد والبعد عن كل ما يفرقهم وينال من وحدتهم، ونجح الرجل فيما سعى إليه وباتت عُمَان كما يشعر كل من يزورها أو يعيش فيها واحة للسلام المجتمعي ونموذجًا للتعايش بين الناس مهما اختلفت جنسياتهم أو مذاهبهم أو ديانتهم، وبعد أن توج جهده ونجح محليا وجد نفسه كحاكم عربي أمام خلافات إقليمية أشد وأصعب بين الدول العربية الشقيقة رغم كل ما يوحدهم من دين ولغة وصلات قرابة ونسب وجيرة وحضارة مشتركة .


وكانت البداية العرب كلهم ضد مصر حين ذهب السادات لإسرائيل ليبدأ عملية السلام، وقتها ثار العرب عليه وقاطعوه وحاصروا مصر سياسيًا واقتصاديًا، حاول السلطان قابوس أن يستخدم نفس الدواء الذي عالج به خلافات أبناء شعبه وهو الحوار بصبر وحكمة والوصول الى نقطة التقاء، ولكن الحكام العرب حينئذ وجدوا دواءه مرًا لا طاقة لهم به و أن طريقته غير ممكنة فأصبح هو الزعيم الوحيد المحتفظ بعلاقات كاملة مع مصر .

وبعد عقود أدرك من اعترض على حكمة السلطان بفعالية دوائه، ولكن هيهات أن يعترفوا بخطأهم فقد تكرر نفس الموقف في أزمة العراق والكويت وطالب الرجل أن يجتمع الملوك والرؤساء ليجدوا حلا فيما بينهم دون اللجوء للغرب والحرب، ولكنهم كعادتهم لم يستمعوا لنصيحته ونال العراق ما ناله وابتلي الخليج كله بمصائب لا قبل لدوله وشعوبه بها .

ثم توالت المآسي على العرب، ليبيا، سوريا، ثم اليمن، ليحتفظ السلطان” لنفسه ولبلده بنظافة اليد من كل دم عربي أسيل ويطالب دون كلل أو ملل بتحكيم العقل ومراعاة حق الشعوب في الحياة في سلام وأمان، وجاءت أزمة قطر لتضع المنطقة العربية كلها في موقف صعب ومازال الرجل يناديهم بصوته الذي نال من قوته مرضه ”شفاه الله وعافاه” ولكن مازال فيه بريق الحكمة وصدق التجربة أن يستوعبوا دروس الماضي وأن يدركوا أنهم باتوا على المحك وعلى شفا حفرة من نار يتبعها دمار شامل لن ينجو منه أحد .

فهل سيستمع إلى صوته أحد، وهل سيتعلمون من دروس ماضٍ ليس ببعيد، أم أننا مقبلون على جرح آخر لن نجد له دواءًا ولن يكون لنا منه شفاءً ...؟