دين
علي جمعة: الذكر والفكر طريق الإحسان والسَّعة في الذكر منهج النبي ﷺ
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن العلماء الذين يحفظون مرتبة الإحسان، أي عبادة الله كأنك تراه، قَيّدوا هذا الطريق بالذكر والفكر، حيث أخذوا الذكر من القرآن الكريم، مستشهدًا بآيات عدة منها: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ}، و{وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ}، و{وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، و{أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ}.
وأوضح جمعة أن الذكر وحده لا يكفي، بل يجب الجمع بين الذكر والفكر والتدبّر في خلق السماوات والأرض، وعالم النبات والحيوان، وفيما ينفع الناس، مستشهدًا بالآية: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}.
وأشار إلى أن هناك أنواعًا من الفكر: سطحي يجمع المعلومات فقط، وعميق يدرك حقائق الأشياء، ومستَنير يربط هذه الحقائق بالإيمان بالله، فيقول: "سبحانك"، وهو قمة التفكير في بديع صنع الله. وأضاف أن الذين يمتنعون عن التفكر والذكر بعيدون عن منهج الله، مستشهداً بآيات أمر الله فيها بالذكر والتدبر: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا}، {قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا}، {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}.
ولفت جمعة إلى ثلاثية التأمل: كتاب الله المنظور (الكون)، وكتاب الله المسطور (الوحي: القرآن والسنة)، وكتاب الله المقدور (الإنسان)، مشددًا على أن التدبر في هذه الثلاثة هو طريق الذكر والفكر إلى الله.
كما بيّن منهج النبي ﷺ في الذكر أنه كان على السعة، موضحًا أن الأصل في الذكر السعة والمرونة، فلا يلزم التقيّد الصارم بما ورد فقط، بل المهم أن يجد الإنسان قلبه مع الله. واستشهد جمعة بأحاديث التلبية وأذكار الصحابة المختلفة، موضحًا أن النبي ﷺ كان يتركهم في هذا، دلالة على أن الأصل في الذكر السعة والحرية في التعبير بما يوافق القلوب.
واختتم جمعة بالقول إن هذا المنهج، المبني على الذكر والفكر، هو أساس طريق التصوف، ويقوم على التخلّي والتحلّي والتجلّي، وفق قواعد الكتاب والسنة، مؤكدًا أن من يحاول إجبار الناس على مذهبه أو إنكار ما جاء في الكتاب والسنة يكون مخطئًا.