وثائقى
تعرف على البطل الحقيقي لقصة فيلم ”في بيتنا رجل”
كتب: محمد شبلهو البطل الشهيد أحمد عبد الحي كيرة واحد من أخطر ابطال الجهاز السري لثورة 1919
قد لا يعرفه الجيل الحالي، ولا السابق وربما الاسبق، ولكن في التذكرة عبرة وعظة ووفاء واستحضارا لنماذج طيبة وتجارب عظيمة في زمن اتسعت فيه مساحات القبح وتبددت معاني الوطنية والانتماء كان «كيرة» واحداً من الشباب الوطني الفدائى الذي باع عمره لوطنه بلا مقابل وبدون مساومة، شارك الشاب الفدائي منذ دراسته بكلية الطب في عدة خلايا سرية للثورة، ونفذ مع زملاء آخرين عمليات لاغتيال جنود وضباط انجليز وسياسيين كانول من رحال الاحتلال في ظل اعتقال زعماء الوفد ونفيهم.
كان كما يذكره مؤرخوا الثورة يجيد التنكر والتخفي والتحدث بلغات مختلفة.. يوما ما تجده نجاراً، ويوماً آخر شيخاً معمما، وتارة جنديا بريطانيا ومرة اخرى فلاحا بسيطا، وعندما اكتشف امره في اعترافات قتلة السير لي ستاك عام 1924 بدأت المخابرات البريطانية ملاحقته واصبح واحداً من أهم المطلوبين لديها، حتي انها اصدرت منشوراً لجميع مكاتبها في العالم تقول فيه «اقبضوا عليه حيا او ميتا، اسمه احمد عبدالحي كيرة، كيميائي كان طالباً في مدرسة الطب، خطير في الاغتيالات السياسية، قمحي، قصير القامة وذو شارب خفيف وعمره 28 عاماً» وتنقل «كيرة» من مخبأ الى آخر وعرف متعة العيش في خطر كما يقول نيتشه.
وقتها اضطرت قيادات الجهاز السري للثورة ان تقوم بتهريب الفدائى العظيم الى ليبيا ومنها الي اسطنبول وظل سنوات طويلة مطاردا، وقد قابله هناك الاديب الكبير يحيى حقي عام 1930 والذي كان يعمل موظفاً بالقنصلية المصرية في اسطنبول وكتب عنه «بعبع» الانجليز، يبحثون عنه بعدان فتلوا له حبل المشنقة، كنت لا ألقاه الا صدفة وألح عليه ان نأكل معا فيعتذر قائلا: قريباً ان شاء الله، وظل هذا حالي معه اربع سنوات كلما ادعوه يعتذر بأدب، وقد رأيت فيه المثل الفذ للرجل الشريد، كانت ملابسه تدل على مقاومة عنيدة للفاقة وغلبت صفرته التحتانية على لونه الاصفر، يمشي على عجل ويحذر كأنه يحاول ان يفلت من جاسوس يتبعه، ويخلو كلامه من أي عاطفة، فلا تدري ان كان متعباً ام غير متعب.. جيبه نظيف أم دافئ، معدته خاوية أم عامرة؟»
ثم يكتب حقي: «حاولت ان أعرف أين يسكن فلم أنجح وقيل لي انه يسكن في ثلاث شقق كل منها في حي بعيد عن الآخر ولا ينام في فراش واحد ليلتين، إنه يعلم أن المخابرات البريطانية لن تكف عن طلبه حتي لو فر الى اقصى الارض، انها لا تنسى ثأرها البائت».
بعد توقيع معاهدة 36 سافر إلى تركيا ثلاثة من عملاء الإنجليز في مصر .. ثلاثة من القلم السياسى هم " جريفز ، ماركو ، اسكندر بورجوزافو " ، واستطاعوا إستدراج عبد الحى إلى إحدى ضواحى إسطنبول واغتالوا البطل ثم مثلوا بجثته وفروا عائدين إلى مصر.. عاد ثلاثتهم مزهوين بأنهم قتلوه ، ويقولون: " لقد ثأرنا لأروح جنودنا التى أزهقت في مصر، وفيما بعد وجدوا جثة «كيرة» في حفرة بجوار سور اسطنبول القديم .
لقد نفذت فيه المخابرات البريطانية حكم الاعدام دون محاكمة ليبقي مثالا للشباب الوطني بتضحياته وفدائيته.