أخبار
ننفرد بنشر الثغرات التي ذكرتها أول صحيفة طعن على التعديلات الدستورية والتي وصفتها بـ «الباطلة»
كتب: محمد شبلأقام على ايوب المحامى، طعنا قضائيا، أمام محكمة القضاء الادارى، بمجلس الدولة ، طالب فيه بوقف تنفيذ القرارالمتضمن عرض التعديلات الدستورية المقترحة والموقعة من خمس أعضاء مجلس النواب على اللجنة العامة بإعتبار أن قبول طلب التعديل وإحالته للجلسة العامة أمر مخالف للدستور ولا يعتبر عمل تشريعى أو برلمانى ولكنه عمل مادى منعدم خارق لنصوص الدستور الحالى مع ما يترتب على ذلك من أثار، أخصها بطلان أى تصويت على التعديلات المقترحة وبطلان أى مناقشات بشأنها وبطلان أى قرار بطرح التعديلات على الإستفتاء الشعبى حيث أن القرار ولد معدوماً والمعدوم لا ينتج أثراً وما بنى على باطل فهو باطل بحسب الأصل .
وجاء نص الطعن الذي حمل رقم 28063 لسنة 73 ق كل من رئيس مجلس النواب، ورئيس الجمهورية بصفتهما، كالتالي :-
الموضوع
حيث أنه بتاريخ 3/2/2019 عرض خمس أعضاء مجلس النواب بعض التعديلات الدستورية على رئيس مجلس النواب المطعون ضده الأول ممثلين لبعض الأحزاب الموالية للنظام الحالى والتى شكلت بعد ثورة الخامس والعشرون من يناير 2011 وبعد أحداث 30/6/2013 والتى يغلب على تشكيلها الطابع العسكرى والأمنى وبقايا نظام مبارك ممن أطلق عليهم الفلول وبعض الإئتلافات السياسية وبعض أعضاء مجلس النواب الموالين والمرضى عنهم .
تضمنت تلك التعديلات حسبما تم نشرها الأتى : ـ
1 ـ مد فترة الرئاسة بحيث تكون 6 سنوات .
2 ـ تعيين نائب أو أكثر لرئيس الجمهورية .
3 ـ إضافة غرفة تشريع جديدة وهى مجلس الشيوخ .
4 ـ إلغاء الرقابة المسبقة لمجلس الدولة على مشروعات القوانين .
5 ـ إلغاء تحصين شيخ الأزهر من العزل .
6 ـ تخصيص 25 % من المقاعد كوتة للمرأة .
7 ـ تمثيل ملائم للعمال والفلاحين والشباب وذوى الإحتياجات الخاصة .
8 ـ مادة لحماية مدنية الدولة ومراعاة تمثيل الأقباط .
9 ـ إلغاء الهيئات الإعلامية الثلاث المتمثلة فى المجلس الأعلى لتنظيم الصحافة والإعلام والهيئة الوطنية للإعلام وعودة وزارة الإعلام .
وحيث أنه من المتعارف عليه أن مادة إنتخاب الرئيس محصنة ضد التعديل لصالح الحكومة وأى تعديل لم يتضمن ضمانة جديدة للشعب فهو باطل .
فيما يتعلق بمادة رئيس الجمهورية المنصوص عليها بالمادة 140 من الدستور ، وهذل ليس بكلامى بل كلام الدستور نفسه فى المادة 226 منه ، فقد نص بالفقرة الأخيرة من هذه المادة أنه لا يجوز تعديل الدستور فيما يتعلق بمدة رئيس الجمهورية ومواد الحرية والمساواة إلا إذا كان لإضافة ضمانات أكثر .
وحيث أن الدستور هو عقد بين الحاكم ومؤسسات الحكم فى الدولة وبين الشعب تنعقد الإرادة فيه بطرحه على الشعب فى الإستفتاء وموافقته عليه وبالتالى لا يجوز تعديله بإرادة الحاكم المنفردة ، أضف إلى ذلك إن إرادة واضعى الدستور قد إتجهت إلى سد الثغرة التى كان ينفذ منها الحكام السابقين فيما يتعلق بمدة الرئاسة ومواد الحريات والمساواة بهدف بقائهم فى الحكم مدة أطول أستمرت 30 عاماً وأحكام سيطرتهم على الحكم بالعصف بالحريات وتقريب أصحاب النفوذ والسلطة على حساب باقى الشعب ، فوضع عجز المادة لغل يد أى حاكم عن تكرار اللعب بالدستور بغرض بقائه بالحكم مدة أطول من المنصوص عليه بالمادة 140 من الدستور وهى مدتين فقط لمدة 4 سنوات ، إذاً تعديل مدة رئيس الجمهورية محظور بنص الدستور نفسه .
ويقدم الطاعن ملاحظات سريعة حول غزوة الدستور محل الطعن الراهن .
بإختصار .. وبعد قراءة سريعة لمشروع التعديلات التى تستهدف العصف بالدستور المغدور ، أستطيع أن أقول ـ مطمئن القلب والضمير ـ أنها تمثل إنقلاباً دستورياً غير مسبوق فى تاريخ مصر الدستورى !!
وأخطر ما فيها ليس موضوع التمديد والتأبيد ، لكن الأخطر هو التأميم المطلق لأكبر وأهم هيئة قضائية فى سلطات ومؤسسات الدولة المصرية ـ وهى المحكمة الدستورية العليا التى تضعها التعديلات المقترحة تحت الوصاية الكاملة لرأس السلطة التنفيذية فى مصر ، حيث سيستقل الرئيس
بمقتضى هذه التعديلات بإختيار وتعيين رئيس المحكمة الدستورية العليا وكذا تعيين نائباً لرئيسها ألخ ، فى حين أن الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا هى التى تستقل وتنفرد طبقاً للدستور القائم حالياً ونفاذاً للمادة 193 من هذا الدستور ـ وتوكيداً لإستقلالها قضائياً ودستورياً ـ بإختيار وتسمية رئيس المحكمة ونواب رئيس المحكمة ورئيس وأعضاء هيئة المفوضين بالمحكمة ، ويقتصر دور رئيس الجمهورية على إصدار قراراً جمهورياً بتعيين هؤلاء الذين رشحتهم الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا دون أن يكون له قطعياً حق الإعتراض على هذه الترشيحات ، وبهذا يقضى عملياً وواقعياً على إستقلال المحكمة الدستورية العليا لأول مرة فى تاريخها ، وهذا التعديل المقترح أسوأ بكثير من القانون الذى صدر سابقاً بشأن إختيار وتعيين رؤساء الهيئات القضائية الأخرى ـ الذى لم يتمكنوا من تطبيقه ـ وقت صدوره ـ على المحكمة الدستورية العليا لأنها محصنة بالمادة 193 من الدستور الحالى التى يستهدفونها بتعديلات خطيرة جداً تقضى تماماً على المركز القانونى المستقل للمحكمة فى بنية التنظيم القضائى الدستورى فى مصر ويحيلها إلى جهاز قضائى تابع لمؤسسات الدولة التنفيذية .
زد على ذلك الإنقضاض على الإختصاص المكفول حالياً لمجلس الدولة المصرى حامى الحقوق والحريات بموجب المادة 190 من الدستور الحالى بمراجعة وصياغة مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية ومراجعة مشروعات العقود التى تكون الدولة أو إحدى الهيئات العامة طرفاً فيها .
حيث تستهدف التعديلات إعادة صياغة هذه المادة لتجعل إختصاص مجلس الدولة بمراجعة وصياغة مشروعات القوانين رهيناً بما يحيله إليه مجلس النواب من مشروعات قوانين ، فبمقتضى التعديل الذى يراد إدخاله على المادة 190 من الدستور الحالى لن يكون مجلس النواب ملزماً بإحالة وعرض مشروعات القوانين على مجلس الدولة لمراجعتها وصياغتها ـ إلا فيما يقرره هو ـ البرلمان ـ ويقدر وفق سلطته التقديرية ما يرى أهمية عرضه وإحالته إلى مجلس الدولة من مشروعات القوانين ذات الصفة التشريعية .
ناهيك عن التعديلات الأخرى التى تستحدث إعادة المجلس الأعلى للهيئات القضائية وفق تشكيل معين يترأسه رئيس الجمهورية .
ثم يأتى النص الأخطر فى التعديلات الذى يتحدث عن دور ضامن للمؤسسة العسكرية لنظام الحكم فى مصر ـ على الطريقة التركية القديمة التى أدخلت تركيا فى مستنقع الإنقلابات العسكرية المتتابعة ـ وأستطاع أردوغان بعد نضال ومواجهة ديمقراطية دستورية حاسمة أن ينهى هذا الدور العسكرى للجيش التركى فى النظام الدستورى التركى .
إنها ليست مجرد تعديلات دستورية ، لكن إعادة " هندسة " البلد بالكامل ، عودة ل 24 يناير 2011 بالنقطة والفاصلة ، فك وتركيب للوطن بأكمله على مقاس " شخص واحد " ، بلد لا حصانة فيه إلا لحكم الفرد وقواعد الإستبداد والتسلط ، لا أزهر ولا مجالس للإعلام ولا إنتخابات رئاسية ولا سلطة للبرلمان ولا مشاركة جادة للحكومة فى رسم السياسات ـ لا مؤسسات ولا هيئات ولا قواعد ـ إنقلاب دستورى شامل وجريمة مكتملة الأركان .
وحيث أنه من المعلوم أن التعديل الدستورى يجوز أن يشمل مادة أو أكثر من مواد الدستور الحالى ولا يجوز إضافة مواد جديدة ، لأن إنشاء النص الدستورى لا يكون إلا من خلال جمعية تأسيسية أو لجنة لوضع الدستور ، أما التعديل يمكن أن يكون بموجب الأدوات التشريعية " الرئيس أو البرلمان " ، لذا فإن إستحداث أى نص دستورى جديد لم يشمله الدستور الحالى سيبطل إجراءات التعديل وينسحب البطلان إلى نتيجة الإستفتاء .
حيث تنص المادة 226 من الدستور على أن : ( لرئيس الجمهورية ، أو لخمس أعضاء مجلس النواب ، طلب تعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور ، ويجب أن يذكر فى الطلب المواد المطلوب تعديلها ، وأسباب التعديل ، وفى جميع الأحوال ، يناقش مجلس النواب طلب التعديل خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تسلمه ، ويصدر المجلس قراره بقبول طلب التعديل كلياً أو جزئياً بأغلبية أعضائه ، وإذا رفض الطلب لا يجوز إعادة طلب تعديل المواد ذاتها قبل حلول دور الإنعقاد التالى ، وإذا وافق المجلس على طلب التعديل يناقش نصوص المواد المطلوب تعديلها بعد ستين يوماً من تاريخ الموافقة ، فإذا وافق على التعديل ثلثا عدد أعضاء المجلس ، عرض على الشعب لإستفتائه عليه خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدور هذه الموافقة ، ويكون التعديل نافذاً من تاريخ إعلان النتيجة ، وموافقة أغلبية عدد الأصوات الصحيحة للمشاركين فى الإستفتاء ، وفى جميع الأحوال ، لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة إنتخاب رئيس الجمهورية ، أو بمبادىء الحرية ، أو المساواة ، ما لم يكن التعديل متعلقاً بالمزيد من الضمانات ) .
وبقراءة أولية لما نشر من مذكرة تعديل الدستور يتضح أن الأمر أكبر وأخطر من مجرد فترات الرئاسة ، وفقاص للنص الذى طالعته حين جلست لأسطر صحيفة هذا الطعن ، ففترة الرئاسة بما فى ذلك الرئيس الحالى ستمدد إلى 6 سنوات بدلاً من 4 ، وفوق ذلك فالأخطر هو التوسع غير المسبوق فى سلطة الرئيس بما ينتهك ما تبقى من إستقلالية هيئات الحكم الأخرى ، حيث يراد تشكيل مجلس أعلى للهيئات القضائية يرأسه الرئيس نفسه ـ وهذا المجلس هو الذى سيقرر شئون القضاء ، وأن يكون للرئيس سلطة تعيين رئيس المحكمة الدستورية العليا التى قد تنظر فى دستورية القوانين التى وقعها ، أى من عينه هو الذى سيفصل فى دستورية أعماله ، وكذلك سلطة الرئيس فى تعيين النائب العام بعد أن كان من يختاره هو مجلس القضاء الأعلى ، ويمتد الأمر لتحجيم دور مجلس الدولة فى مراجعة القوانين وهو تطور متوقع بعد الحكم التاريخى للمجلس الذى صدر لصالح الطاعن فى قضية تيران وصنافير .
التطور الأخطر هو إعادة تعريف دور ومهمة القوات المسلحة ، فبدلاً من النص على أن مهمتها هى حماية البلاد والحفاظ على أمنها وسلامة أراضيها يتم إعادة تعريف ذلك بإضفاء دور دائم فى إدارة الشئون الداخلية للبلاد تحت مسمى دورها فى حماية الدستور ومبادىء الديمقراطية والحفاظ على مدنية الدولة بما يحولها عملياً إلى رقيب عام على كل أمور البلاد على نحو غير موجود فى أى دولة ديمقراطية معاصرة .
هذا مع التوسع فى دور القضاء العسكرى بحيث يمكن أن يطال الكثير من الممارسات والأفعال ـ الجيش يتحول عملياً لهيئة فوق دستورية .
من أبرز الإقتراحات الأخرى تشكيل مجلس للشيوخ من 250 عضواً لا تسأل الحكومة أمامه ويعين الرئيس ثلث أعضائه ، وهو فيما نعلم يكون بذلك مجلس الشيوخ الوحيد فى العالم الذى لا صلاحية له والذى يعين الرئيس أعضائه ، وهو بذلك أقرب لمجلس لمكافأة الأعوان الذين لم يتسع لهم مجلس النواب .
بإختصار نحن أمام دولة الرئيس الفرد ـ مطلق الصلاحيات ـ تكملها رقابة وإدارة الجيش ، مع إمتيازات ومنح للمتعاونين ، مع هذا النموذج السلطوى للحكم ولا عزاء للديمقراطية والدولة المدنية الديمقراطية الحديثة التى ترتكب كل الجرائم ظلماً وعدواناً بإسمها .
ويتضح ويتجلى لأول وهلة من مطالعة تلك التعديلات أنها يراد بها : ـ
1 ـ تمكين الرئيس الحالى من الترشح لإنتخابات الرئاسة وفقاً لتعديل مدة الرئاسة وذلك لدورتين متعاقبتين
( إثنى عشر سنة ) عقب إنتهاء الدورة الحالية ، وهذا التعديل هو مربط الفرس فى التعديلات كلها ، ويخالف مخالفة صريحة نص مادة نافذة وحاكمة هى المادة 226 التى تحظر تعديل النصوص المتعلقة بإعادة إنتخاب الرئيس ، ويحظر عرض هذا التعديل على الإستفتاء لمخالفته نصاً نافذاً وحاكماً فى الدستور ، إذ تحظر المادة 157 من الدستور إستفتاء الشعب على ما يخالف نصاً نافذاً فى الدستور ( فقد جاء بنص المادة سالفة الذكر: فيما لا يخالف أحكام الدستور ) .
2 ـ النص على سلطة الرئيس فى تعيين رؤساء الجهات القضائية والنائب العام والمحكمة الدستورية من بين عدد من المرشحين الذين ترشحهم المجالس المختصة وإكساب هذه السلطة طابعاً دستورياً .
3 ـ إعادة المجلس العلى للهيئات القضائية إلى الوجود بعد أن تم إلغاؤه ويرأسه رئيس الجمهورية .
4 ـ إضافة إختصاص للقوات المسلحة بالحفاظ على مدنية الدولة .
5 ـ تخصيص ربع مقاعد البرلمان للنساء .
6 ـ ديمومة النص على تمثيل الأقباط والفئات الأخرى .
والهدف من البندين 5 ، 6 هو توفير الحشد الشعبى المناسب للموافقة على التعديلات ، وهو نفس الهدف الذى رمت إليه تعديلات دستور 1971 لسنة 1981 بالنص على الشريعة الإسلامية لكونها المصدر الرئيسى للتشريع .
7 ـ إستحداث غرفة ثانية هى مجلس الشيوخ بإختصاصات فى مجملها إستشارية وإنقاص عدد أعضاء مجلس النواب .
8 ـ إلغاء المجالس الإعلامية .
وخلاصة القول بالنسبة لهذه المقترحات أنها فضلاً عن كونها تفتقر للحنكة السياسية والتشريعية ، فإنها تسعى لتحويل مصر فى الواقع من نظام جمهورى إلى نظام شبه إمبراطورى .
وهو أمر قد لا يوافق عليه لما يتضمنه من إنقلاب على الدستور وليس مجرد تعديل له .
وحيث إنه عن إختصاص المحكمة بنظر الدعوى ، فإن ولاية القضاء يرتبط إرتباطاً وثيقاً بحق التقاضى ، وقد نصت الدساتير المتعاقبة على أن التقاضى حق مصون ومكفول للناس كافة ، ولكل مواطن حق الإلتجاء إلى قاضيه الطبيعى . ويحظر النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء ، فالدستور الحالى الذى يراد تعديله وإستحداث نصوص جديدة عليه ومن قبله كافة الدساتير المصرية كفلت بنص صريح حق التقاضى كى لا تكون الحقوق والحريات التى نص عليها مجردة من وسيلة لحمايتها ، وهو إلتزام على الدولة بضمان هذا الحق ـ بأن توفر لكل فرد نفاذاً ميسراً إلى محاكمها ، بل أن الدستور لم يقف عند حد تقرير حق التقاضى للناس كافة كمبدأ دستورى أصيل ، بل جاوز إلى تقرير مبدأ حظر النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء .
كما أنه من المقرر أن مبدأ الشرعية وسيادة القانون هو المبدأ الذى يوجب خضوع سلطات الدولة للقانون وإحترام حدوده فى كافة أعمالها وتصرفاتها ، وهذا المبدأ لا ينتج أثره إلا بقيام الرقابة القضائية سواء كانت على دستورية القوانين أو على شرعية القرارات ، وكل منهما يكمل الأخر والإخلال بمبدأ الرقابة القضائية من شأنه أن يهدر مبدأ الشرعية ، فهى التى تكفل تقييد السلطات العامة بقواعد القانون كما يكفل رد هذه السلطات إلى حدود المشروعية إن هى جاوزت تلك الحدود ، كما أن أى تضييق فى تلك الرقابة يؤدى حتماً إلى الحد من مبدأ المشروعية وسيادة القانون ـ لذلك كان الأصل الدستورى هو كفالة حق التقاضى للناس كافة دون تقييد وأن المحاكم وهى بصدد تكييف الأعمال الشاردة على إختصاصها أياً كان سبب هذا الشرود ، تراعى إن حق التقاضى هو حق دستورى أصيل وما عداه يكون إستثناء على هذا الأصل يجب عدم التوسع فيه .
وحيث أن القرار المطعون فيه بعرض التعديلات الدستورية المقترحة والموقعة من خمس أعضاء مجلس النواب على اللجنة العامة لا يعد من القرارات البرلمانية بإعتبار أن قبول طلب التعديل وإحالته للجلسة العامة رغم مخالفته الصارخة للدستور لا يعتبر عمل تشريعى أو برلمانى ولكنه عمل مادى منعدم خارق لنصوص الدستور الحالى ، مما يعد معه القرار الطعين من قبيل الأعمال والقرارات الإدارية التى تخضع لرقابة المشروعية ويختص بنظرها محاكم مجلس الدولة ، كما أنه لا يعد من أعمال السيادة لمخالفته لصراحة نصوص مواد الدستور ، فهو قرار منبت الصلة عن صفة المجلس التشريعى كما وردت فى الدستور الحالى .
ولما كان ما تقدم وقد توافر ركنى الجدية والإستعجال لنظر هذا الطعن ، ويكون حسب الظاهر من الأوراق قد صدر القرار الطعين مخالفاً للدستور وهو ما يعيبه بعيب عدم المشروعية مما يرجح معه الحكم بإلغائه ، وبذلك يتوافر ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذه ، كما يتوافر فيه ركن الإستعجال لما يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه من نتائج يتعذر تداركها وأن المخالفات المتعلقة بالأحكام الدستورية المتعلقة بالحقوق والحريات العامة للمواطنين يتحقق معها دائماً حالة الإستعجال التى تبرر وقف تنفيذ القرار الإدارى .
وحيث أن الطاعن يهدف من دعواه وقف تنفيذ ثم إلغاء قرار جهة الإدارة المطعون ضدها الأولى بعرض التعديلات الدستورية المقترحة والموقعة من خمس أعضاء مجلس النواب على اللجنة العامة لا يعد من القرارات البرلمانية بإعتبار أن قبول طلب التعديل وإحالته للجلسة العامة .
ومن جماع ما سبق ، وإذ ثبت فى حق جهة الإدارة الأولى إخلالها الدستورى والقانونى .
حيث أن مسلكها يخالف نصوص الدستور ولاسيما المواد 140 ، 157 ، 190 ، 193 ، 226 ، وكذلك القرار رقم 22 لسنة 2014 بإقرار قانون تنظيم الإنتخابات الرئاسية وكذلك القانون رقم 73 لسنة 1956 وتعديلاته بشأن تنظيم مباشرة الحقوق السياسية وكذلك القانون رقم 174 لسنة 2005 بتنظيم الإنتخابات الرئاسية وتعديلاتهم .
وكما هو ثابت فإن القرار الطعين يعد إنتهاك واضح ومعلن للدستور ، كما أنه مخالفة وإعتداء صريح على نصوص الدستور وقانون مباشرة الحقوق السياسية وقانون الإنتخابات الرئاسية ، والمطعون ضده الثانى يعد أول رئيس يمنح الدستور أجازة ولم يجد من يعترض من المجلس المسمى بمجلس النواب ـ وحسناً فعلت القوانين المعدلة لمسماه، حيث أنه أصبح غير معبر عن الشعب .
صمت الأحزاب السياسية وفقهاء القانون الدستورى على تلك التعديلات شككنى فى فهمى لمواد الدستور رغم أنها واضحة لا لبس فيها ولا غموض .
لــذلــك
يلتمس الطاعن من سيادتكم تحديد أقرب جلسة أمام محكمة القضاء الإداري لنظر هذا الطعن ليصدر حكماً لصالح الطاعن : ـ
أولاً : من حيث الشكل : قبول هذا الطعن شكلاً .
ثانياً : وبصفة مستعجلة : بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه والمتضمن عرض التعديلات الدستورية المقترحة والموقعة من خمس أعضاء مجلس النواب على اللجنة العامة بإعتبار أن قبول طلب التعديل وإحالته للجلسة العامة أمر مخالف للدستور و لا يعتبر عمل تشريعى أو برلمانى ولكنه عمل مادى منعدم خارق لنصوص الدستور الحالى مع ما يترتب على ذلك من أثار أخصها : بطلان أى تصويت على التعديلات المقترحة وبطلان أى مناقشات بشأنها وبطلان أى قرار بطرح التعديلات على الإستفتاء الشعبى حيث أن القرار ولد معدوماً والمعدوم لا ينتج أثراً وما بنى على باطل فهو باطل بحسب الأصل، مع تنفيذ الحكم بمسودته وبدون إعلان وإلزام الجهة الإدارية مصروفات الشق العاجل .
ثالثاً : وفى الموضوع : إلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من أثار مع إلزام المطعون ضدهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة .