مقالات
0
جرح الشعوب
بقلم/ ممدوح الشناوىربما تجاوزت الدول العربية مرحلة الإختلاف السياسي وتعارض المصالح والأيدولوجيات إلى مرحلة لم تشهدها أمتنا العربية من قبل مرحلة يسودها النزاع الفظ والصراع المستعر والضرب بكل قسوة وقوة في كل الثوابت وتمزيق كل الروابط ، وباتت فكرة القومية العربية محل سخرية واستهزاء لدى البعض ومصدر ألم ومرارة لكثيريين ممن نبتوا وترعرعوا وإشتعلت شعورهم ومشاعرهم شيبا وهم ينتظرون حلمهم الجميل بوطن عربي قوي ومتماسك .
وربما أيضا كان للقادة وصناع القرار ما يبرر هذا التقاتل الشرس بما يملكونه بين أيديهم من أدلة وبراهين على تجاوز أو تآمر أو خيانة ولكن يبقى للشعوب العربية الحق في أن يظل بينها ما يجب أن يتسامى ويعلو فوق خطايا الحكام و زلات المسؤولين.
فلا يمكن أن يفرح المواطن القطري ذو النفسية السليمة في تفجير مسجد أو كنيسة أو مقتل أسرة مصرية مثلا، ولا أن يأتي يوم يتمنى فيه مصري سوي أن يرى إمرأة قطرية أو طفلها وهو ينزف أو يتألم، ولا أن يكره العماني الإماراتي أو اليمني السعودي أو العكس، ولا أن نصمت فرحا وشماتة في هلاك أسرة فلسطينية على يد عدو غاشم .
إن ما حل بنا من فرقة وهوان هو فخ نسجه لنا أعداؤنا ووقع فيه قادتنا جميعا المخطيء فيهم والمصيب وفشلوا حتى الآن في أن يضيعوا على أعدائنا الفرصة وينجوا بشعوبهم من هذا المنزلق المهلك، ولا يجب علينا كشعوب أن نقع في نفس الفخ أو تنزلق في ذات المنزلق، ولنتذكر أن ما يجمعنا أكبر بكثير مما يفرقنا فإلهنا واحد وديننا واحد ونبينا واحد وقرآننا واحد فيجب أن يكون هدفنا واحد وأملنا أيضا واحد .
فيا شعوب العرب الأصلاء الكرماء الأوفياء أفيقوا واستعيدوا ما بينكم من حب وترابط ، انبذوا كل ما يفرقكم ويشتت شملكم ، انزعوا بذور الكراهية من صدوركم قبل أن تستقر وتنبت خبثا وغلا وحقدا وحسدا ، طهروا قلوبكم من كل ضغينة لإخوانكم في الدين والعروبة، تذكروا نساء العراق واليمن وسوريا وليبيا وأطفالهم الموتى منهم والجرحى، تذكروا أن لكم أخوة في الصومال وموريتانيا وجيبوتي .
تذكروا أن مصر والسودان أصل واحد، وأن قبائل الخليج بينهم دم ونسب وقرابة، عودوا لحلم نعيش من أجل أن نحققه يوما ما، ليكن ميراثكم لأبنائكم حبا وودا وأخوة واحتراما يتبادلونه مع أبناء دينهم وعروبتهم بدلا من نار كراهية تحرق كل أخضر ويابس في مستقبلهم، داووا جرح عروبتكم ليلتأم قبل أن نموت جميعا من نزفه وتلوثة، ابعثوا لقادتكم وحكامكم رسالة بأن عروبتنا خالدة وحلمنا باق وعليهم أن يجدوا لنا مخرجا من هذا المنعطف الخطير، الوضع بات صعبا والجرح أصبح غائرا أكثر من أي وقت مضى .