تقارير وتحقيقات
0
”المعينى” مسجد يروى صفحة مضيئة فى تاريخ اقاليم مصر
هيثم مرادواحداً من الأماكن الذى تحمل جدارنه عبق الماضى، وعظمة التاريخ، لم يكن فقط مجرد مسجد أثرى إنما هو قصة شعب وشاهد عيان على إبداع واتقان فن العمارة الإسلامى . تحدثك تلك الجدران عن ملاحم وطنية ، ويعكس منبره مدى تقديس الأجداد للعلم ومنحه مراتب عليا ، لم تستطع يد الإهمال والفساد على كتمان تلك الأسرار فعلى مر العصور تعرض للعديد من المحالاوت التى تبغى اندثاره ولكنه ظل باقيا ليروى لنا ما كان عليه هذا العصر .
انه ”مسجد المعينى” بمحافظة دمياط ، أطلق عليه هذا الإسم نسبة لمؤسسة محمد بن محمد بن محمد معين الدين ، أو ”معين الدين الفارسكورى” أحد وجهاء دمياط بالعصر المملوكى والذى احتل مكانة القضاه وهى مرحلة اعتاد عليها وجهاء هذا العصر إذ كانت تشترى بالمال نوعاً من الوجاهة ، فضلاً عن كونه واحداً من أشد المتصوفين أنذاك .
شيد المسجد فى عهد السلطان الناصر محمد بن قلاوون أحد سلاطين المماليك عام 710 هجرية ـ 1310 ميلادية ، بغرض استخدامه فى نشر العلم ، فقد تم تقسمه لأربع إيوانات يتوسطهم صحن مزخرف لنشر وتعليم المذاهب الأربعة ، فضلاً عن وجود خلاوى للمتصوفين والذى كانوا يعتبرونه بمثابة منزل لهم .
يقع مسجد المعينى بمنطقة ”الشارع الأعظم” ـ الشرباصى حالياـ ، والذى اشتهر بتجارة الأرز والغلال ، كما أنه يعد مكان يقنظ به وجهاء المدينة ، وقد تجلى فن العمارة بهذا المسجد فقد تم تشييده دون أعمدة معتمدين على رفع المأذنة والقبة من خلال جدارن جانبيه ، فكان لموقعة أثراً بالغاً فى هذا إذ كان يقع على النيل مباشرة الأمر الذى أى إلى اللجؤ لإنشائه على قناطر ليرتفع عن مياه النيل .
”مسجد ـ مدرسة ـ خانقاه” مسميات حيرت التاريخ والمؤرخين ، فلم يتمكن أحد حتى الأن من معرفة المقصد الحقيقى لإنشائه ، ربما كان لعمارة المكان أثراً كبيراً فى ذلك ، فتارة يتضح أنه كان مشيداً كونه مدرسة لنشر العمل خاصة مع وجود أماكن كانت تستخدم كسكن للطلاب الوافدين من بلدان أخرى ، وتارة أخرى تجده مسجداً على طراز عال من العمارة الإسلامية ، بينما قال أحرون أنه كان ”خانقاه” بيتاً للتصوف فحسب سجلات محكمة دمياط الشرعية أنه كان يقع بدمياط فى هذا العصر أكثر من 17 متوصفاً ، فضلاً عن وجود خلاوى للمتصوفين داخل المسجد نفسه ليظل ”المعينى” لغزا تاريخياً لم يتمكن أحد من فك رموزه .
كان ذلك قبل أن يتحول المشجد إلى قبلة الباعة الجائلين من أبناء دمياط والمحافظات المجاورة ، فقد شوهت التعديات والإشغالات هذا المنظر الجمالى وسط غفلة من قبل مسئولى المحافظة ، ليحتضن المسجد بائعى الفاكهة والجلود والخانات ولا عزاء للتراث .
فيقول الشيخ عصام إمام المسجد نحن نمتلك أعظم مكان أثرى عرفه التاريخ ، فهو يعد أقدم مدرسة تاريخية ، ويجب التعامل معه بشكل أفضل من ذلك ، لافتاً إلى أن ”مسجد المعينى” لم يأخذ حقه كمكان أثرى .
وأضاف الإمام ”نحن نسعى لإستعادة مكانته العلمية مرة أخرى ، مشسراً إلى ضرورة التعريف به ونشر قصته ليعلم أبناء المحافظة ماذا يمتلكون .
بينما قال عم محمد أحد سكان المنطقة ، نعانى كثيرا مما نراه فقد تربيت على أساطير هذا المكان ولكن اتحرمت منه مدة طويلة من عمرى فقد كان مغلقاً دون تطوير ، وأسرد قائلاً : قرأت العديد من القصص التاريخية وكنت أشعر بالفخر حينما أجده بين سطور تلك الكتب .
وأضاف ”إيهاب الصياد” صاحب أحد المحال التجارية المجاورة للمسجد ،قائلاً : مجاورتى له تشعرنى أنى بحى الحسين ، وأتمنى أن ينال حظه كمكان أثرى ،
فيما قال الشيخ محمد سلامة وكيل وزارة الأوقاف بدمياط ، أن هذا المكان له من المكانة التاريخية ما يجعلنا نتحدث عنه لعدة سنوات ، مشيراً إلى أن المحافظة تسعى لتخليد تلك الأماكن بكافة الطرق ، لافتاً إلى وجود خطة للتنسيق بين كافة الإدارت وخاصة التربية والتعليم للقيام بنشر قصة تلك الأماكن الأثرية التى تحتوى عليها المحافظة ، فضلاً عن القيام برحلات تثقيفية داخل تلك المساجد ليعلم أبنائنا قيمة ما نملك .
وقال ”سلامة” أن دمياط بها العديد من الأماكن الدينية الأثرية ، والذى يعكس مدى تدين هذا الشعب فى السابق وحبه فى التعليم وتقديسه له ، مؤكداً أن دمياط تمتلك مقومات كبيره لجذب السياحة بكافة أنواعها .
وفى سياق متصل قال ياقوت ورد نائب رئيس مجلس مدينة دمياط ، أننا دوما تعمل على رفع الإسغالات بكافة مناطق المحافظة ، ولكن هناك خطة خاصة لتلك الأماكن ، لافتاً إلى أن ما نراه بشوارع المحافظة لا يمكن تجوزه إلا إذا تم التعاون التام بين الجهات التنفيذية وبين المواطنين ، مشيرا إلى أن منطقة ”ميجد المعينى” واحده من أهم المناطق التاريخية التى تمتلكها المحافظة .