تفسير أطول أية في ”القرأن الكريم“

رئيس مجلس الإدارة:محمود علىرئيس التحرير: شريف سليمان
كلية الطب بالقوات المسلحة تنظم المؤتمر الطبى الأول تحت عنوان ( فن الطب المتكامل ) بمشاركة نخبة من الخبراء المتخصصين فى مختلف المجالات الطبية الرقابة المالية تجيز إصدار وثائق تأمين نمطية جديدة يُسمح بتوزيعها إلكترونيًا وزير الإسكان ومحافظ مطروح يتفقدان موقف تنفيذ أعمال الطرق والمرافق للأراضى البديلة بمنطقة ”شمس الحكمة” وزيرة التخطيط تعقد جلسة مباحثات مع رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي وزير الكهرباء يتفقد مستجدات تنفيذ أعمال محطة الربط المصرى السعودى العملاقة بمدينة بدر وزير السياحة والآثار يعتمد ضوابط وقواعد تنظيم الحج السياحي لعام 1446 هــ نشاط مُكثف لوزارة الأوقاف دعويًّا واجتماعيًّا مصر تستضيف الدورة الثانية للحوار العالمى لحوكمة الذكاء الاصطناعى وزيرة البيئة تلتقي وزير الدولة البريطاني لأمن الطاقة وصافي الانبعاثات الصفرية وزير التعليم العالي: استمرار تطوير التعليم الجامعي والمعاهد الخاصة في مصر تماشيًا مع الإستراتيجية الوطنية الإنتاج الحربي تشارك بمنتجاتها في ”الملتقى الصناعي” و ” القاهرة الدولي للأخشاب و الماكينات” وزير الري: يؤكد أهمية تضافر جهود الدولة والمواطنين لترشيد المياه والحفاظ عليها من التلوث

دين

تفسير أطول أية في ”القرأن الكريم“

"آية الدَّيْن" هي الآية رقم: 282 من سورة البقرة وهى أطول آية في القرآن الكريم، ونص الآية الكريمة قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ولْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ ولاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَن يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ ولْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الحَقُّ ولْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ ولاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُو فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلاَ تَسْأَمُوا أَن تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُوا إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ ألاَّ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} صَدَقَ الله العَظِيّم.

وكما اورد كتاب تفسير القرآن العظيم لابن كثير: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ): إرشاد من الله تعالى لعباده المؤمنين إذا تعاملوا بمعاملات مؤجلة أن يكتبوها؛ ليكون ذلك أحفظ لمقدارها وميقاتها، وأضبط للشاهد فيها، وقد نبه على هذا في آخر الآية؛ حيث قال:(ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُوا).

وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: أشهد أن السلف المضمون إلى أجل مسمى أن الله أحله وأذن فيه، ثم قرأ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى) رواه البخاري.

وثبت في الصحيحين، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يسلفون في الثمار السنتين والثلاث، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أسلف فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم". (فاكتبوه): أمر من الله تعالى بالكتابة [والحالة هذه] للتوثيق والحفظ.

(فإن أمن بعضكم بعضًا فليؤد الذي اؤتمن أمانته): أي يؤدي الأمانة دون وجود الشهود والكتابة. (ولْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ) أي: بالقسط والحق، ولا يجر في كتابته على أحد، ولا يكتب إلا ما اتفقوا عليه من غير زيادة ولا نقصان.

وقوله: (ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله فليكتب) أي: ولا يمتنع من يعرف الكتابة إذا سئل أن يكتب للناس، ولا ضرورة عليه في ذلك، فكما علمه الله ما لم يكن يعلم، فليتصدق على غيره ممن لا يحسن الكتابة وليكتب، كما جاء في الحديث: "إن من الصدقة أن تعين صانعًا أو تصنع لأخرق". وفي الحديث الآخر: "من كتم علمًا يعلمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار". وقال مجاهد وعطاء: واجب على الكاتب أن يكتب.

وقوله: (وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه) أي: وليملل المدين على الكاتب ما في ذمته من الدين، وليتق الله في ذلك، (ولا يبخس منه شيئًا) أي: لا يكتم منه شيئًا، (فإن كان الذي عليه الحق سفيهًا) محجورًا عليه بتبذير ونحوه، (أو ضعيفًا) أي: صغيرًا أو مجنونًا (أو لا يستطيع أن يمل هو) إما لعي أو جهل بموضع صواب ذلك من خطئه؛ (فليملل وليه بالعدل). وقوله (واستشهدوا شهيدين من رجالكم) أمر بالإشهاد مع الكتابة لزيادة التوثقة، (فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان)، وهذا إنما يكون في الأموال وما يقصد به المال.

وقوله: (ممن ترضون من الشهداء) فيه دلالة على اشتراط العدالة في الشهود، وهذا مقيد، حكم به الشافعي على كل مطلق في القرآن، من الأمر بالإشهاد من غير اشتراط.

وقد استدل من رد المستور بهذه الآية الدالة على أن يكون الشاهد عدلًا مرضيًّا.

وقوله: (أن تضل إحداهما) يعني: المرأتين إذا نسيت الشهادة (فتذكر إحداهما الأخرى) أي: يحصل لها ذكرى بما وقع به الإشهاد، ولهذا قرأ آخرون: "فتذكر" بالتشديد من التذكار.

ومن قال: إن شهادتها معها تجعلها كشهادة ذكر فقد أبعد، والصحيح الأول. والله أعلم.

وقوله: (ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا) قيل: معناه: إذا دعوا للتحمل فعليهم الإجابة.

وقد ثبت في صحيح مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألا أخبركم بخير الشهداء؟ الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها". فأماالحديث الآخر في الصحيحين: "ألا أخبركم بشر الشهداء؟ الذين يشهدون قبل أن يستشهدوا"، وكذا قوله: "ثم يأتي قوم تسبق أيمانهم شهادتهم،وتسبق شهادتهم أيمانهم".

وفي رواية: "ثم يأتي قوم يشهدون ولا يستشهدون". فهؤلاء شهود الزور.

وقد روي عن ابن عباس والحسن البصري: أنها تعم الحالين: التحمل والأداء.

وقوله: (ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرًا أو كبيرًا إلى أجله) هذا من تمام الإرشاد، وهو الأمر بكتابة الحق صغيرًا كان أو كبيرًا، فقال: (ولا تسأموا) أي: لا تملوا أن تكتبوا الحق على أي حال كان من القلة والكثرة) إلى أجله.

وقوله (ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا) أي: هذا الذي أمرناكم به من الكتابة للحق إذا كان مؤجلًا هو (أقسط عند الله) أي: أعدل (وأقوم للشهادة) أي: أثبت للشاهد إذا وضع خطه ثم رآه تذكر به الشهادة، لاحتمال أنه لو لم يكتبه أن ينساه، كما هو الواقع غالبًا (وأدنى ألا ترتابوا) وأقرب إلى عدم الريبة؛ بل ترجعون عند التنازع إلى الكتاب الذي كتبتموه، فيفصل بينكم بلا ريبة.

وقوله: (إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها)، أي: إذا كان البيع بالحاضر يدًا بيد، فلا بأس بعدم الكتابة لانتفاء المحذور في تركها.

فأما الإشهاد على البيع، فقد قال تعالى: (وأشهدوا إذا تبايعتم)، فعن سعيد بن جبير في قول الله: (وأشهدوا إذا تبايعتم) يعني: أشهدوا على حقكم إذا كان فيه أجل أو لم يكن، فأشهدوا على حقكم على كل حال.

وقال الشعبي والحسن: هذا الأمر منسوخ بقول الله تعالى: (فإن أمن بعضكم بعضًا فليؤد الذي اؤتمن أمانته)، وهذا الأمر محمول عند الجمهور على الإرشاد والندب، لا على الوجوب.

وقوله: (ولا يضار كاتب ولا شهيد) قيل: معناه: لا يضار الكاتب ولا الشاهد، فيكتب هذا خلاف ما يملى، ويشهد هذا بخلاف ما سمع أو يكتمها بالكلية، وقيل: معناه: لا يضر بهما.

وقوله: (وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم) أي: إن خالفتم ما أمرتم به، وفعلتم ما نهيتم عنه، فإنه فسق كائن بكم، أي: لازم لكم لا تحيدون عنه ولا تنفكون عنه.

وقوله: (واتقوا الله) أي: خافوه وراقبوه، واتبعوا أمره واتركوا زجره.

وقوله: (والله بكل شيء عليم) أي: هو عالم بحقائق الأمور ومصالحها وعواقبها، فلا يخفى عليه شيء من الأشياء، بل علمه محيط بجميع الكائنات.