وثائقى
حكاية « ﺗﺎﺝ ﺍﻟﺴﺮ» الذي كسب من الاحتلال الإنجليزي ولم يخسر وطنه السودان
إبراهيم فتحيﺗﺎﺝ ﺍﻟﺴﺮ، هو واحد ممن شكلوا التاريخ في دولة السودان العربية الشقيقة، ابان فترة الاحتلال الانجليزي للبلاد وكان له قصة شهيرة صنعت منه رمزًا أمام جيش الاحتلال.
البداية ترجع الى انه عندما ﺇﺣﺘلت دولة ﺍﻹﻧﺠﻠﻴﺰ بلدنا ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ العربية، ﻛﺎﻥ لدى قوات الاحتلال ازمة شديدة في مترجمي اللغة العربية، خاصة وان الشعب السوداني رفض أن يتعاون مع جيش الاستعمار.
وعندما أراد الجيش الانجليزي، توزيع منشورات على السودانيين تحمل جملة واحدة مفادها «النصر للحلفاء»، فلم يجدوا الا مترجم سوداني وحيد وهو تاجر شهير اسمه «تاج السر» وكان يعمل في تجارة الشاي بالعاصمة الخرطوم انذاك.
وطلب جيش الاحتلال من «تاج السر» الذي يحترف التحدث والكتابة باكثر من لغة، أن يقوم بترجمة ملايين المنشورات الى العربية ومن ثم توزيعها في جميع انحاء البلاد وبالفعل قام التاجر بتنفيذ ما طلب منه
ولكن جاءت المفجاة كالصاعقة على رؤس الاستعمار، فبعد مرور فترة ليست بالقصيرة، قام ضابط كبير بالجيش البريطاني بزيارة للسودان، وكان يفطن اللغة العربية، وعندما شاهد هذه المنشورات أخذ منها الكثير وتوجه الى الضابط المسئول عن قوات الاحتلال بالسودان ودار بينهم الحوار التالي:
ﺑﻌﺪ ﻣﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﻗﺎﻡ ﺟﻨﺮﺍﻝ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻰ ﻳﺘﻘﻦ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺰﻳﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ...ﻓﺎﺧﺬ ﺑﻴﺪﻩ ﺣﻔﻨﺔ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﻭﺳﺄﻝ ﺍﻟﻀﺎﺑﻂ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻋﺎﻳﺔ ..
◙ الضابط الكبير: ما هذه المنشورات؟
◙◙ الضابط الصغير: ﻫﺬﻩ ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﻟﻜﺴﺐ ﻭﻻﺀ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﺤﻠﻔﺎﺀ.
◙ الضابط الكبير: وهل تعلم ما المكتوب فيها؟.
◙◙ الضابط الصغير: بكل ثقة «نعم».
◙◙ الضابط الصغير: هذه منشورات كتب فيها «ﺍﻟﻨﺼﺮ ﻟﻠﺤﻠﻔﺎﺀ»
◙ الضابط الكبير: أحمق .. ﻟﻴﺲ صحيح ما تقول ولكن كتب فيها «ﺍﺷﺘﺮﻭﺍ ﺍﻟﺸﺎﻱ ﻣﻦ ﺗﺎﺝ ﺍﻟﺴﺮ ﺍﻟﺸﺎﻳﻘﻲ».
ومن هنا ذاع صيت التاجر السوداني «تاج السر» الذي استغل الاستعمار في الترويج لتجارته ورفض أن يتعاون معهم ضد بلاده، حتى وان كان هذا التعاون قد حقق له أرباحًا ماديًا ولكنه لم يحقق هذه الأرباح على حساب وطنه.