مقالات
0
الفساد الأخلاقى سبب الإنحلال فى المجتمعات
بقلم/ الشيخ حازم سيد أحمديقول الله تعالى فى سورة القلم ((وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (3) وَإِنَّكَ لَعَلَى? خُلُقٍ عَظِيمٍ ))ويقول رسولنا الكريم محمد عليه الصلاة والسلام (( إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً))ويقول أيضا (( ما من شيء أثقل في ميزان العبد المؤمن يوم القيامة من حسن الخُلق، وإن الله يبغض الفاحش البذيّ )) رواه الترمذي.
وهذا إن دلَّ على شيء فإنما يدل على أن الأخلاق الكريمة هي الهدف الأسمى من الرسالات السماوية .. لقد جاء المبعوثون بكثير من هذه الأخلاق وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتمم مكارمها .. وإذا كانت مكارم الأخلاق هدف الأنبياء فمعنى ذلك أن تكامل الإنسان هو الهدف الأسمى من خلقه و لا يكون إلاَّ بواسطة التحلّي بهذه الأخلاق ،والذى جعلنى بعد أن إستيقظت من نومى اليوم أن أكتب فى هذا هو ما أرهه داخل المجتمع من أمور كثيرة غير أخلاقية ، انتشر فيها الغش والتدليس والخداع والنفاق والكذب والتضليل والإستغلال وانعدام الأمانة بين الناس، وانعدمت كذلك الثقة بين أفراد المجتمع الواحد، وأصبحنا بالفعل نعيش عصراً زادت فيه القدرة على قلب الحقائق، وجعل الجهل علماً والعلم جهلاً والمعروف منكراً والمنكر معروفاً والحق باطلاً والباطل حقاً، أصبحنا نعيش زمن يعتريه موت الضمير وانهيار القيم والمبادئ الرفيعة،وكأنهم لا يعلمون إن من أهم المبادئ السامية التي دعا إليها الإسلام وشدد عليها بقوة التحلي بمكارم الأخلاق التي تكسبه احترامه لنفسه و احترام ومحبة الآخرين له .
والفساد الأخلاقي يكون أكثر وضوحا في المجتمعات لكونه يرتبط بالحريات الخاصة وتصرفات الافراد ويتمثَّل بمجمل الإنحرافات الأخلاقية المتعلقة بالسلوك الفردي في إطار المعاملات ، وانتهاكه للقوانين الشرعية والأخلاقية التي يدين بها المجتمع يتجلى ذلك في القيام بأعمال مخلة بالآداب ومخجل ،أو التعرض للحريات العامةوانتهاك الحرمات، وكثيرا ما ينتشر في الأوساط التي تعاني من ضعف الوازع الديني ، مما يؤثر إجتماعيا وسياسيا على المجتمعات ،والمقصود به ارتكاب واحدة أو أكثر من جرائم الكذب والخيانة والتزوير والسرقة والقتل وانتهاك حقوق الناس وأعراضهم ، وتوجيه المجتمع باتجاه الفساد والإنحلال الأخلاقي وغيره، فمن المسؤول عن الفساد الأخلاقي !!؟،أول مسؤول عن الفساد الأخلاقي هو الأسرة: باعتبارها الحجر الأساس والدعامة القوية والمعهد والمدرسة الأم التي يتلقى فيها الإنسان التربية الحسنة ويتعرف من خلالها على الجيد والسيء والصالح والطالح والواجب والممنوع والمسموح والمرفوض وغير ذلك من الأمور، لكنها قد تصبح سببا رئيسيا في ضياع هذا الإنسان عندما يغيب عنها الوازع الديني وتنعدم فيها شروط الإحساس بالمسؤولية والأمن والسلام داخل الأسرة والمجتمع ، باعتبار الأسرة مجتمع صغير يهيؤنا للتعامل والتعايش في المجتمع الكبير،و معاشرة أصدقاء السوء .
والتي قد يلجأ إليها الإنسان اليائس أو الذي يشعر بنقص داخل الأسرة أو إضطهاد أو خلل تربوي ، وذلك إما بحثا عن الدفء والأمان اللذين افتقدهما أو هروبا من المشاكل التي يعجز عن حلها ، فيحاول نسيانها رفقة أصدقاء اختارهم بمحض إرادته ودون تفكير في العواقب ،ومشاهدة القنوات الفضائية الهابضة التي أغلبها مشاهد هاومغرياتها تخل بالمبادئ والأخلاق الفاضلة وتنسي الإنسان تعاليم الدين الإسلامي ، وتفقده احترامه وكرامته ، وتبعده عن طريق الحق والفضيلة، والفساد الأخلاقي هو أساس فساد الحكم والإدارة في المجتمعات ،و هو أساس كل المتناقضات في كل المجالات ،ووهو أساس تفشي الفقر والمجاعة،والفساد الأخلاقي يعني فقدان كافة القيم والمبادئ الأخلاقية ، هو ظاهرة خطيرة جداً تلقي بظلالها على الأفراد والدولة والمجتمع ، وهو أسوأ اشكال الفساد لأنه قد يكون بامكاننا إصلاح الفساد الاداري بإ جراء بعض التعديلات في الأنظمة والقوانين ومساءلة ومعاقبة وإبعاد عناصر الفساد الإدارى، ولكن ليس من السهل إصلاح الفساد الأخلاقي ، لذا فإن للأخلاق دور كبير في تغيير الواقع إلى الأفضل وتطويره ، هذا التطوّر الذي يعني المحافظة على السوكيات والاخلاقيات في التعامل وليس التخلي عنها في سبيل تحيق الأهداف التي نرغبها ،وإنالأخلاق الحسنة هو أعظم ما تعتز به الأمم وتمتاز عن غيرها ، والأخلاق تعكس ثقافة الأمة وحضارتها ، وبقدر ما تعلو أخلاق الأمة تعلو حضارتها وتلفت الأنظار لها ويتحير أعداؤها فيها .
وبقدر ما تنحط أخلاقها وتضيع قيمها تنحط حضارتها وتذهب هيبتها بين الأمم ، وكم سادت أمة ولو كانت كافرة وعلت على غيرها بتمسكها بمحاسن الأخلاق كالعدل وحفظ الحقوق وغيره ، وكم ذلت أمة ولو كانت مسلمة وضاعت وقهرت بتضييعها لتلكم الأخلاق .
إذا شاعت في المجتمع الأخلاق الحسنة من الصدق والأمانة والعدل والنصح أمن الناس وحفظت الحقوق وقويت أواصر المحبة بين أفراد المجتمع وقلت الرذيلة وزادت الفضيلة وقويت شوكة الإسلام ، وإذا شاعت الأخلاق السيئة من الكذب والخيانة والظلم والغش فسد المجتمع واختل الأمن وضاعت الحقوق وانتشرت القطيعة بين أفراد المجتمع وضعفت الشريعة في نفوس أهلها وانقلبت الموازين ،فهذا أول فساد أخلاقي يريده منا اليهود فالفساد الإداري والمالي والفساد السياسي والفساد ديني كله ينبع من الأخلاق فالأخلاق هي المنبع أو الحاضنه ،نغم قد رفعنا رؤوسنا بين العالم بجهود رجال الأمن في مكافحة الإرهاب والإرهابيين في بلادنا، وأملنا أن نرفع رؤوسنا كذلك بدورهم الفاعل في وقاية مجتمعنا من جرائم الانحلال الأخلاقي ومكافحتها، إذ إن الاعتداء على الآمنين وترويعهم وهتك حرماتهم وأعراضهم وإهدار دمائهم هو جامع الإرهاب، وإن لم يكافح رجال الأمن تلك الجرائم ويحمون المجتمع من شرورها فمن لنا بعد الله غيرهم في مكافحة جرائم الانحلال الأخلاقي.وعلينا أن نثبت قولا وعملا أننا مجتمع يزكى الفضائل ويحارب الرذائل تحت مظلة شعور عام بأن الناس جميعا أمام القانون سواء وأن القيمة الحقيقية للفرد هى عمله وعطاؤه وأن هناك خطا فاصلا بين الحلال والحرام لأن ذلك هو السبيل الأمثل لحماية القيم الرفيعة التى تسد الطريق أمام حيل المعيبين و شريحة الوشاة والدساسين ونقول أن الفساد والإنهيار الإخلاقى الذى ضرب المجتمع من كافة جوانبه هو المعوق الأساسى لكل النواحى فى المجتمعات وهو الذى يأكل الأخضر واليابس .