تقارير وتحقيقات
0
المرصد العمرانى : الحكومة” تسلع ” السكن ولا عزاء للغلابه
الرفاعي عيدالرفاعى عيد
كشف مرصد العمران المصرى فى دارسة بعنوان " سياسات الحكومة تسلع السكن " ان الدولة تلجأ الى تسليع السكن سواء من خلال الاستثمار فى مشاريع ضخمة للمساكن فوق المتوسطة أو الفاخرة أو من خلال سياسات الاسكان ،ولم تتعامل مع السكن كونه حقا يجب ان توفره لكل مواطن.
وعلى الرغم من ذلك كما تقول الداراسة،أنه وفقًا لتعداد السكان الذى أجرى فى 2017، فإن الاحصائيات تشير الى وجود نحو 11.7 مليون شقة شاغرة فى مصر،وهذا نظريًّا يكفي لإيواء 50 مليون شخص،ما يعنى أكثر من نصف سكان الدولة بأكملها تقريبًا.
وعلى الرغم من وجود هذا الفائض الضخم، فإنه في عام 2016، لم تستطع 49.2٪ من الأسر المصرية تحمل تكاليف المساكن متوسطة السعر.
ومن المرجح أن ترتفع هذه النسبة هذا العام، حيث ارتفعت أسعار المنازل بنسبة 31.1٪. في حين لم ينمُ الدخل إلا بنسبة تتراوح بين 6.3٪ إلى 11.7٪. وهو أقل من ثلث تضخم أسعار المنازل.
وتحت الإسكان الحكومي “ميسور التكلفة” لا يمكن تحمل تكلفته" جاء جزء كبير من الدراسة ليتحدث عن مشروع الاسكان الاجتماعى وهو الموجه بالأساس إلى الفقراء وتوضح الدراسة ،أنه في حين معظم المواطنين يكافحون بالفعل من أجل تغطية نفقاتهم، لا يزال ارتفاع الدفعات المقدمة لمشروع الإسكان الاجتماعي الحكومي يشكل تحديًا للكثيرين من الذين يسعون إلى الحصول على الوحدات المدعومة،و على الرغم من جاذبية دفعات التمويل العقارى المدعوم والتي تتجدول على مدًى من 10 إلى 20 عامًا.
ورصدت الدراسة شروطا قاسية وجب توافرها فى المتقدمين ومنها أن يكون التوظيف الرسمي هو شرط آخر يجعل شريحة كبيرة من أولئك الذين يسعون إلى هذا السكن غير مؤهلين أو مطالبين بدفع مبالغ أعلى بكثير، الاأن الأمر فى النهاية هو استبعاد ما لا يقل عن 70 فى المائة من المصريين.
وساقت الدراسة أمثلة عملية على ذلك حيث عملت على شريحة عشوائية بشكل ميدانية من المتقدمين لمشروع الاسكان الاجتماعى ليسر كل منهم حكايته مع المشروع الذى استعصى عليهم فيه الحصول على شقة.
يأتى القطاع الخاص فى مرتبة البديل التليقدى فى الحصول على وحدة سكنية للمواطنين وهى مأساة أخرى يدخل فى دوامتها المواطن لكنها وبالمقارنة بمشروعات الدولة وفق ما سبق يقبل المواطن أن يخوض غمار المعركة فى الحصول على سكن أفضل شكلا ومقاربا فى القيمة الى حد بعيد على الرغم من ارتفاعها نسبيا بشكل يسبب ذات المعضلة لكل مواطن.
وعن سياسات الحكومة فى تُسلِّيع السكن توصح الدراسة ان القطاع الخاص وتخفيض قيمة الجنيه لم يكونا فقط هما العاملين الوحيدين المتسببين في رفع أسعار المساكن بشكل متزايد وبشكل لا يمكن تحمله، فالحكومة تستمر وبنشاط في تسليع المساكن، سواء من خلال الاستثمار في العقارات أو من خلال سياسات الإسكان.
وعلى سبيل المثال فإن هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وهي هيئة اقتصادية مملوكة للدولة تحت رئاسة وزير الإسكان تعد أكبر مطور أراضٍ في مصر، بالاستثمار في ثلاثة مشاريع إسكان واسعة النطاق تستهدف الربح، بالإضافة إلى قطع الأراضي التي تبيعها، وهو عمل مربح يدر لها نحو 40 مليار جنيه.
في أواخر عام 2014، أطلقت الهيئة مشروعًا أسمته “دار مصر للإسكان المتوسط”، لبناء 150 ألف وحدة خلال السنوات القليلة المقبلة، حيث تراوحت أسعار وحدات الدفعة الأولى، التي تتكون من 30,000 وحدة، بين 250 ألف و637 ألف جنيه مصرى.
وبعد أقل من عام، تم عرض المرحلة الثانية التي تكونت من 25,000 وحدة، بعد رفع أسعارها بنسبة 29٪. هذا ما عرَّض المشروع لانتقادات شديدة لتسببه في رفع أسعار العقارات بشكل عام بنسبة 30٪. وفي سبتمبر 2017، أطلقت الهيئة مشروع “إسكان مصر”، الذي يقدم 40 ألف وحدة تتراوح أسعارها بين 446,775 و592,000 جنيه مصري.
في حين تم تسويق هذا المشروع على أنه يستهدف الأسر بين الدخل المنخفض والمتوسط، فإن أرخص وحدة في إسكان مصر يبلغ سعرها ضعف وحدات الإسكان الاجتماعي ذات الحجم المماثل، والتي تباع بسعر التكلفة. [19] كما قامت هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ببناء 25,000 وحدة سكنية فاخرة، شملت شققًا وفيلات، في العاصمة الإدارية الجديدة. وفي حين لم يتم تحديد الأسعار بشكل نهائي بعد، صرحت نائب رئيس الهيئة بأن الأسعار “لن تقل عن 10,000 جنيه للمتر. المربع”.
وبما أن هذه الوحدات تتراوح مساحتها بين 125 مترًا مربعًا و328 مترًا مربعًا، فهذا يعني أن أسعار البيع ستتراوح ما بين 1.25 مليون جنيه إلى 3.28 مليون. وبذلك تعادل أرخص وحدة أربعة أضعاف وسيط سعر الشقق في مصر.
واختتمت الدراسة توصياتها لوقف تسليع سوق العقارات وضبطه من خلال مجموعة من الضوابط منها التراجع عن التشجيع الرسمي لـ”تصدير العقار”، والقيام بدلًا من ذلك بحماية القدرة الشرائية المحلية، بالاضافة الى مواجهة المضاربة في سوق العقارات عن طريق إعادة رفع ضرائب على العقارات المباعة خلال عشر سنوات من شرائها، مع خفضها لمدد أطول.
وكذلك تشجيع الإنتاج الاجتماعي للمسكن من خلال إعادة هيكلة قوانين الإسكان التعاونى ،وزيادة الشفافية في سوق الأراضي والعقارات، من خلال قاعدة بيانات وطنية متاحة للعامة تفصِّل أسعار الشراء والتأجير،بالإضافة إلى تخصيص أراضى الدولة فقط من خلال عقود حقِّ الانتفاع وليس البيع،وزيادة حجم الأراضى المخصصة للإنتاج الاجتماعى للمسكن.