ملامح وجه جدية، نبرة صوت مميزة، إتقان للدور هو الفنان محمود مرسي، عملاق من عمالقة الزمن الجميل.

قدم الفنان محمود مرسي أدوارا مميزة على شاشة السينما والتليفزيون، قد يكون اشتهر بأدور الشر لإتقانه لها، لكنه حرص في المرحلة الأخيرة من حياته على الظهور في أدوار الرجل الطيب مرشد جيل الشباب في أعمال مثل "أبو العلا 90".

مشوار محمود مرسي المهني بدأ من الإذاعة وعلى كرسي المذيع ثم أستاذ جامعي ثم مبدع من نجوم زمن لن يتكرر.

الوطن فوق كل شيء

عمل محمود مرسي في إذاعة لندن العربية في بداية الخميسينيات، ثم تركها في موقف وطني نبيل، عام 1956 احتجاجا على "العدوان الثلاثي" على مصر، وعلى الهواء أثناء إذاعة حلقته قال ليفاجئ مستمعيه "هذه هى آخر حلقة أقدمها في هذه الإذاعة، حيث إنه لا يمكنني أن أعمل أو أقيم في دولة تشن حاليا عدوانا على بلادي، وتلقي بقنابلها على أهلي فى مصر، ولتلك الأسباب أقدم استقالتي على الهواء، وسوف أعود إلى بلادي أقاتل بجانب أهلي، أعيش معهم أو أموت معهم".

عاد إلى مصر ليدخل مرحلة جديدة ويبدأ الإتجاه للفن عن طريق الإخراج، عمل مخرجا في التليفزيون المصري في 1960، وأخرج عدة تمثيليات سهرة، مثل "القطة" عن قصة لإحسان عبد القدوس، كما عمل في العام نفسه أستاذا في المعهد العالي للفنون المسرحية، ثم جمع بين تدريس التمثيل والإخراج السينمائي في المعهد العالي للسينما عام 1968.

التمثيل

كان فيلم "أنا الهارب" عام 1962 أول أعماله كممثل، لم يتحمس له في البداية ووافق وهو يعتقد أنه لن يكرر التجربة، لكن سحر السينما جذبه ليدخل في عالمها يصبح نجما من نجومها.

قدم محمود مرسي أعمالا عديدة هو "عتريس" في "شيء من الخوف"، و"فتحي عبد الهادي" ضابط السجن في "ليل وقضبان" و"بدران" في "أمير الدهاء" و"مرسي" في "زوجتي والكلب" وغيرها من الأعمال التي قدم خلالها أداء يُدرس، ثم مرحلة المسلسلات التليفزيونية الاجتماعية منها "المحروسة 85" و"العائلة" و"أبو العلا 90" وغيرها.

ولم يحب محمود مرسي الظهور الإعلامي، كان يفضل أن يكون الحديث عن أعماله وليس عنه هو شخصيا وفي هذا الأمر قال "أنا لا أجيد الكلام، وبالنسبة للإذاعة الناس تسمعني في الأعمال التي أقوم بها، وبالنسبة للتليفزيون الناس بتشوفني في أعمالي.. يبقى عايزين أتكلم ليه؟".

عمل تمنى تقديمه

قدم محمود مرسي شخصيات عديدة طوال مشواره الفني، لكن كان هناك شخصية تمنى تقديمها وهي "الليث بن سعد"، لأنه بالنسبة له خير مثال للإسلامي المستنير، وكان يريد تقديمه لأن الشخصية تحمل مبادئ الإسلام وأفكاره الحقيقية.

ومن الأمور المعروفة عن محمود مرسي أنه كان يرفض فكرة ظهور ضيف شرف وقال عن هذا الأمر"حكاية ضيف شرف ليوم واحد فى منتهى السذاجة، ولا يقبل بها فنان محترم على الإطلاق ليعمل باليومية مثل النجار والسباك".

كتب نعي وفاته بنفسه

رحل محمود مرسي في 23 إبريل 2004، عن 81 عاما، بعد معاناته في أيامه الأخيرة من أزمات متفاوتة فى الكلى، نتيجة تدخينه بشراهة، وقبل يومين من استئناف التصوير في آخر أعماله مسلسل "وهج الصيف".

وكان مرسي قد كتب نعيه بنفسه وأوصى أن يتم نشره بعد وفاته وكتب فيه أسماء أصدقاء عمره وأقرب الناس له.