الدكتورة/ نادية مصطفى تكتب: لعبة الخداع الأمريكية الإسرائيلية لإحباط مبادرات إخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل

رئيس مجلس الإدارة:محمود علىرئيس التحرير: شريف سليمان
عودة الدوريات الأوروبية بعد التوقف الدولي.. الإثارة تشتعل مجددًا موعد مباراة منتخب الشباب أمام تونس في تصفيات شمال إفريقيا الأوقاف: قافلة دعوية للأئمة والواعظات ولقاء الأطفال بالدقهلية موعد مباراة الزمالك والمصري بالدوري الممتاز.. القنوات الناقلة العثور على جثة ربة منزل وطفلها بأبو النمرس إخلاء البوابة الجنوبية لمطار جاتويك في لندن على خلفية حدث أمني قوات روسيا تتقدم شرق أوكرانيا استشهاد 3 مسعفين في غارة إسرائيلية جنوب لبنان حركة الحاويات في ميناء دمياط: 611 حاوية مكافئة و 368 واردة اتحاد الكرة يضع مع الهيئة الوطنية للإعلام قواعد عمل المخرجين والمصورين في المباريات الأوراق المطلوبة لتوصيل الغاز للمنازل بدون مقدم أو فوائد وزير الخارجية ينقل رسالة الرئيس السيسي إلى نظيره الكونغولي

مقالات

الدكتورة/ نادية مصطفى تكتب: لعبة الخداع الأمريكية الإسرائيلية لإحباط مبادرات إخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل

الدكتورة - نادية مصطفى
الدكتورة - نادية مصطفى

علي مدار الخمسة عشر عاما الأخيرة نجحت لعبة الخداع الأمريكية الإسرائيلية في إحباط كافة الجهود والمبادرات والمشاريع الدولية الرامية الي إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل تأكيدا لمبدأ عالمية منع الانتشار النووي ، واسوة بما حدث في الستينات عندما تم الاعلان بموجب الاتفاقيات والمعاهدات الموقعة في هذا الشان عن اخلاء القارة الافريقية ( في عام ١٩٦٣) وامريكا اللاتينية ( في عام ١٩٦٧) من الاسلحة النووية ومن كافة اسلحة الدمار الشامل الاخري تنفيذا للقرارات الصادرة عن الجمعية العامة للامم المتحدة تباعا في هذا الصدد, والتي اكدت كلها علي اهمية هذا الاخلاء والمنع للحفاظ علي السلم والامن الدوليين...

نقول: نجحت دعايات امريكا واسرائيل في اخراج هذه الجهود الدولية من مسارها الذي كانت تتحرك فيه ، ودفعها الي التركيز علي البرنامج النووي الايراني وحده بالمبالغة في تضخيم اخطاره الامنية المحتملة وتحميلها باكثر مما كانت تتيحه له قدراته التكنولوجية المتواضعة او اهدافه السياسية والعسكرية المحدودة نسبيا..

وكان قصد الدولتين من كل هذا الخداع والتضليل للمجتمع الدولي ، هو اخراج مفاعلات اسرائيل النووية من الصورة والحيلولة دون ادراجها علي اجندة الاهتمامات الامنية الدولية ، وتجنب اخضاعها لنظم التفتيش والمراقبة الدولية التي حضت عليها معاهدة منع الانشار النووي التي دخلت حيز التنفيذ منذ عام ١٩٧٠ ورفضت اسرائيل التوقيع عليها من وقتها وحتي الآن ، هذا علي الرغم من توفر العديد من الادلة الدولية الموثوق فيها منذ امد طويل بان اسرائيل كانت في طريقها لان تصبح قوة نووية كبيرة ، ثم توالت التقارير الموثقة بالادلة والشواهد من قبل بعض اكبر واشهر مراكز الدراسات الاستراتيجية الدولية في العالم ومن بينها معهد ستوكهولم لابحاث السلام الدولي في التقارير الصادرة عنه منذ السبعينات من القرن الماضي ، بان اسرائيل استطاعت انتاج منظومة كبيرة ومتنوعة من الرءوس النووية الحربية ذات القدرات التدميرية العالية ووسائط نقلها الي اهدافها بدقة متناهية..

لكن هذا كله تجاهلوه بل وانكروه من اساسه حتي يبقي البرنامج النووي الايراني وحده محط تركيز واهتمام المجتمع الدولي وشاغله الاكبر والمستمر...وليتم اسدال الستار علي ما يجري داخل مفاعلات اسرائيل النووية من انشطة محمومة لا تتوقف وتحرص اسرائيل علي احاطتها بغلاف سميك للغاية من التعتيم والكتمان تطبيقا لمبدأ الردع النووي بالظن او بالشك حتي لا تدخل اسرائيل نفسها في دائرة الضوء والاتهام لها بانها كانت البادئة بادخال الاسلحة النووية الي الشرق الاوسط فيما اذا اعترفت رسميا بحيازتها للاسلحة النووية كالهند او باكستان مثلا. ..

وهو مبدأ حرصت كل الحكومات الاسرائيلية من يمينية ويسارية علي التقيد به وعدم التحول عنه...

وفي سبيل ذلك استنفرت امريكا واسرائيل من ورائها مجلس الامن الدولي باعضائه الخمس الدائمين ومعهم المانيا والوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا، للتصدي للبرنامج النووي الايراني واغراقهم وعلي مدار سنوات طويلة في مفاوضات شاقة ومضنية مع ايران لتحجيم انشطتها النووية وتقييد برنامجها النووي بمختلف القيود والضوابط والتعهدات والالتزامات تحت الرقابة الدولية الصارمة والمستمرة عليه ، مع تطببق احد اكثر نظم العقوبات الاقتصادية الدولية قسوة في العالم ضد ايران عقابا لها علي اي انتهاك لالتزاماتها يصدر عنها كما هو حادث الآن...

هذا بينما تبقي مفاعلات اسرائيل النووية بمواقعها وتحصيناتها وقدراتها لغزا غامضا وسرا خافيا علي المجتمع الدولي لا يعلم شيئا بالمرة عن حقيقة ما يجري فيها او عن مدي خطورة ما تنتجه هذه المفاعلات الاسرائيلية من اسلحة الدمار الشامل بتقنيات وخبرات لا مثيل لها الا في اكثر الدول النووية تطورا في هذا المجال...

وهذه هي ازدواجية المعايير الدولية، ونعني المعايير الامريكية بشكل خاص، حيث هناك مفاعلات نووية مستباحة ويجري تفتيش كل شبر فيها بكل الوسائل والآليات التقنية المتطورة ليل نهار ، واخري محظورة لا يجرؤ احد علي الاقتراب منها او حتي الاشارة اليها..وهذا هو ما تفعله اسرائيل بدعم كامل من حليفها الامريكي المنحاز دوما الي جانبها ولا يري الخطر والتهديد الا من خلال عيون اسرائيل وحدها....

ويعنيني ان اشير هنا الي انه في عام ٢٠١٠ واثناء المراجعة الدورية التي داب مجلس الامن الدولي علي اجرائها لمعاهدة منع الاننتشار النووي، كان هناك مطلب دولي عام آنذاك يؤكد علي اهمية انضمام اسرائيل الي هذه المعاهدة كشرط ضروري مسبق لاخلاء منطقة الشرق الاوسط بكاملها من الاسلحة النووية كغيرها من المناطق التي سبق اخلائها من هذه النوعية المدمرة من الاسلحة ، وهنا انبرت سوزان رايس السفيرة الامريكية في مجلس الامن والتي اصبحت فيما بعد مستشارة الرئيس اوباما للامن القومي لتعبر عن معارضة بلادها الشديدة لهذا المطلب الدولي بعبارات وقحة ومستفزة ، ولتعلن باعلي الصوت في مجلس الأمن ان من حق اسرائبل الدفاع عن امنها المهدد من جيرانها الذين يضمرون لها العداء بكافة الخيارات المتاحة لها، وانه ليس من حق المجتمع الدولي التفتيش علي مفاعلاتها النووية او الدخول اليها، وان اسرائيل يجب ان تبقي حرة في تشغيلها لمفاعلاتها النووية علي نحو ما تراه محققا لامنها القومي..

وكان لها ما ارادت وتم اسقاط هذا المطلب الدولي وسحبه من اجندة المجلس، لتبقي اسرائيل بذلك القوة النووية الوحيدة في الشرق الاوسط.. ولتسقط كافة المشاريع الرامية الي اخلاء هذه المنطقة الساخنة من العالم من اسلحة الدمار الشامل.. وليبقي الخطر النووي الايراني وحده هو ما يجب ان ينشغل العالم به ويبدي تخوفه منه...وليستمر الخداع والتضليل....