مقالات
الدكتورة نادية مصطفى تكتب: كيف يدير العرب أزماتهم ؟
بقلم: د. الدكتورة نادية مصطفىتراودني أسئلة كثيرة تبحث عن أجوبة, يتبحر فيها السياسيين والمفكرين نبدأها بكيف يدير العرب أزماتهم؟ ولماذا يخرجون دائما من إدارتهم لها وهم أكثر الأطراف الخاسرة فيها ؟ ولماذا هذا الفشل المتكرر رغم كثرة الأوراق التي يمسكون بها في أيديهم والتي كان من الممكن ان تجعلهم اقدر من غيرهم علي المساومة وانتزاع التنازلات من خصومهم ؟
هل ذلك بسبب غياب الرؤية الإستراتيجية الدقيقة والسديدة لدي الإطراف العربية في إدارتهم لأزماتهم عندما تجري مقارنتهم بغيرهم من المفاوضين الآخرين ؟ ولماذا تغيب عنهم وحدهم مثل هذه الرؤية الإستراتيجية بدورها المهم الذي لا ينكر في إدارة الأزمات الدولية وتحديد مساراتها وتقرير مخرجاتها ونواتجها النهائية ، هذا بينما تتاح هذه الرؤية وبشكل يثير الإعجاب الي حد الانبهار أحيانا لدي غيرهم من المفاوضين الدوليين المحنكين والمتمكنين ؟
ام هل لقلة الخبرة التفاوضية التي تتطلبها الإدارة الفعالة والجيدة للازمات الدولية ، وذلك علي الرغم من سجل المفاوضين العرب الطويل والحافل بكل أشكال الأزمات والصراعات التي تكاد لا تفارق دولهم ؟ اين الخبرات التفاوضية التي يفترض تراكمها كما ونوعا عبر سنوات طويلة والتي كان من الممكن ان تقوم بدورها المهم في ادارة العرب لازماتهم التي امتدت واتسعت لتشمل العديد من أقطارهم ؟
ام هل لضعف إرادتهم، وما قد يفضي اليه هذا الضعف من غياب القدرة علي الصمود والتصميم والثبات علي المواقف والقبول بالتحدي اذا لزم الأمر ؟ لماذا لا يتمتع العرب بالنفس الطويل في العمليات التفاوضية التي يكونون أطرافا فيها ؟ ولماذا المبادرة الي الاستسلام قبل ان تأخذ العمليات التفاوضية وقتها؟ ولماذا لا يحدث هذا مع غيرهم ؟
ام هل لانهم لا يجيدون توظيف اوراقهم ويتركونها تضيع منهم لصالح خصم قد لا يحوز نصف ما يمتلكونه من أوراق وانهم لهذا يخسرون ؟ ولماذا هم دائما من يدفعون اكثر مما ياخذون؟ اليسوا هم المزود الرئيسي للعالم بالطاقة التي يحتاجونها والتي تغذي لهم شرايين اقتصاد اتهم، وتجعل من الصعب بالنسبة لهم الاستغناء عنها ؟ ثم أليست الأموال العربية هي التي تملأ خزائنهم ؟ فماذا يأخذونه منهم في مقابلها؟ ولماذا لا يكون لها دور في دعم قدراتهم التفاوضية في مواقف الأزمات وفي غيرها من المواقف التي تعنيهم ؟
ام هل لعدم معرفتهم الكافية بعقلية ونوايا خصومهم الذين يفاوضونهم، وهو ما يجعلهم فريسة سهلة للخداع وأكثر قابلية من غيرهم للتغرير بهم ؟ والا تقدم المفاوضات العربية الإسرائيلية شاهدا كافيا علي ذلك؟
ام هل لانهم بطبيعتهم كعرب حسني النية اكثر من اللازم عندما يتنازلون عن شكوكهم وتحفظاتهم ومحاذيرهم رغم وجود شواهد قوية عليها ، ويصدقون ما يقوله خصومهم لهم ؟ وهل تجدي الثقة الزائدة عن حدودها او التي تاتي في غير موضعها الصحيح والمناسب ، في الإدارة الناجحة للازمات ؟ وألا تشهد كل التجارب التفاوضية التي خاضتها الدول في مواقف الأزمات والقرائن العملية عن طبيعة النتائج التي أعقبتها علي ذلك ؟
ام هل لان العشوائية والارتجال والتسرع الزائد والافتقار الي النفس الطويل في التفاوض من خلال المناورات المحسوبة وشراء الوقت هي الطابع المميز لطريقة الأطراف العربية في ادارتهم لأزماتهم وهو ما يوصلها غالبا الي نقطة التعثر والتوقف، بل والي حد الانهيار التام أحيانا كما في سوريا وليبيا واليمن وغيرها ؟
ام هل لان العرب كمفاوضين لا يعرفون كيف يرتبون أولوياتهم التي يبنون عليها استراتيجياتهم التي تحدد لهم مواقفهم وتوجه تحركاتهم في اية عمليات تفاوضية يكونون طرفا فيها ؟ ثم أليست هذه الأولويات هي المنطلقات والمحاور والركائز الأساسية التي تحدد مسارات هذه العمليات التفاوضية في مواقف الأزمات وتقرر نواتجها ومخرجاتها وتحكم علي مصيرها ان بالنجاح او الفشل ؟
ثم أخيرا، لماذا عندما نقارنهم بمفاوضي دول كتركيا وإيران في مجال القدرة التفاوضية في مواقف الأزمات وما تفضي اليه هذه القدرات التفاوضية من نواتج ومخرجات ، نجدهم دائما خارج المقارنة ؟ ومن ثم، هل يأتي هذا الفارق في النتائج كمحصلة لكل ما ذكرناه من حيث ضعف هنا يقابله تميز وتفوق هناك ؟ ام ان لهذا التميز التركي والإيراني في مجال إدارة الأزمات الدولية بالأساليب التفاوضية تفسير آخر غير هذا كله ؟
هذه كلها تساؤلات مهمة من حق كل مواطن عربي ان يطرحها علي نفسه وان يجتهد في البحث لها عن إجابات حتي يفهم لماذا تختلف الأزمات التي يديرها العرب في طبيعتها او في دوافعها وأسبابها او في توقيتها وظروفها او في أطرافها من إقليميين ودوليين او في مستوي أهميتها ، ومع ذلك تبقي نواتجها النهائية واحدة لا تتغير ..وهو ما يقطع بان العيب فينا وليس في الآخرين.. ....وتستمر الأسئلة ...!!!