مقالات
ليبيا وفخ الاقتراض من البنك الدولي لإعمار درنة
أمل البرغوتيقبل أيام مضت طلب رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة، الذي أقالها رئيس مجلس النواب الليبي "عقيلة صالح"، على خلفية إعصار دانيال الذي ضرب البلاد مطلع الشهر الماضي، رسميا من البنك الدولي، المساعدة في إعادة إعمار درنة والمناطق المنكوبة جراء الفيضانات .
وفي 12 سبتمبر 2023 الماضي، أرسل وزير المالية في حكومة الوحدة الوطنية المنحلة "خالد المبروك"، طلبا إلى ممثلة البنك الدولي في ليبيا، هنرييت فون كالتنبورن ، بمساعدة البنك الدولي في ثلاثة محاور لإعمار المناطق المنكوبة، وهي: تقييم سريع للأضرار الناجمة عن الفيضانات، وإنشاء برامج للتحويلات النقدية السريعة والطارئة للمتضررين بالمناطق المنكوبة، وإدارة أموال إعادة الإعمار المرتقبة.
ويبقى السؤال ، هل تحتاج ليبيا الغنية إلى إشراك البنك الدولي في آي عمليات إعمار بالمناطق المنكوبة، وهل تفتقد ليبيا لرجال خبراء يُقييمون أضرار إعصار دانيال، الذي هي على مرئ أنظار العالم أجمع، إن توريط ليبيا في بئر ديون البنك الدولي "فخ" يجرها إلى مزيد من الضياع الاقتصادي والانشقاق السياسي الذي هو قائمم بالفعل ، بين حكومتان ، أحدهما أحلها البرلمان الليبي والأخرى معينة منذ أيام مضت، مع فقدان الأمل في إرجعها إلى قوامها ووحدتها مرة أخرى، وكيف لحكومة منحلة من قبل البرلمان أن ترسل طلبا باسم الدولة للبنك الدولي وتطلب خبراته ومهاراته لإنقاذ الأوضاع المتأزمة في شرق ليبيا.
ولماذا إنشاء برامج للتحويلات النقدية السريعة والطارئة للمتضررين بالمناطق المنكوبة، والمواطن الليبي الأعلى في نصيب الفرد من الانتاج المحلي في قارة أفريقيا، فهو غني بموارد بلاده ، بالمقابل هناك حكومات متعاقبة منذ 2011 وحتى الآن، تنهب الثروات والأموال والحقوق ، ولا تلتفت إلى استقرار الدولة وتصحيح مسارها الاقتصادي واستغلال مواردها ، ثلاثة عشر عامًا من النزاع السياسي ، آي ليبيا تُريدون إعمارها الآن؟.
تمتلك ليبيا احتياطا اجنبيا "مجمدًا" يتجاوز 200 مليار دولار في عدة بنوك، بالإضافة إلى احتياطيات هائلة من النفط والغاز، إلى جانب انتاج الهيدروكربونات ، الذي يشكل 95% من صادرات وإيرادات الحكومة .
كل هذا الثروات والمعادن لا تفسر طلب حكومة الوحدة الوطنية المنحلة، أو توضح ماهية ما هو في مضامير الحكومة جراء هذا الطلب الكارثي ويصعب الوقوف عليه، إن تجارب البنك الدولي وتداخلاته الإصلاحية في الدول النامية جميعها باءت بالفشل وما آلت إليه سياساته من سقوط اقتصادي وربما سقوط أنظمة سياسية من أعيُن شعوبها .
إن حال الدول الأفريقية والنامية ليس ببعيد عنا ، فمنذ سنوات البنك الدولي وصندوق النقد يصولان ويجولان في دولنا، ولم تحمل النتائج سوى الخراب والديون وضياع اقتصاديات كانت بعضها ناشئة وتُبشر بالخير، وتكمن أهداف البنك الدولي في إفقار الشعوب ، خاصة شعوب العالم الثالث، لصالح الدول العظمى لسطو على ثروات وموارد دولنا .
كان يجب على حكومة الوحدة الوطنية المنحلة برئاسة عبدالحميد الدبيبة، التفكير جيدا في الصالح العام لليبيا والشعب الليبي ، الذي بدى واضحا أنه يجره لخراب أكبر وأوسع من النزاع السياسي القائم، أو حتى كارثة إعصار دانيال ، ربما كان عليهم أن يفكروا في محنة دانيال على إنها صفارة إنذار من الله لترك الشقاق فيما بينهم والتمسك بمصلحة الوطن والمواطن ، لترك الصراع على السلطة والمصالح الفئوية للحكومات المتنازعة ، والدعوة إلى وحدة الصف الليبي حكومة وشعبا وأرضا، ولكن هيهات كل حزب بما لديهم فارحون.