مقالات
وائل الأمين يكتب: عام الطوفان.. المكاسب والمتغيرات
بقلم - وائل الأمينعام 2023 كان العام الذي لن ينساه المستوطنون الصهاينة في فلسطين ففيه تم تدمير الجدار العازل الذي كان يجعل من قطاع غزة سجن كبير.
إنجاز تاريخي.
في السابع من أكتوبر الماضي استفاق العالم بأسره على خبر اجتياز المقاومة الفلسطينية الجدار العازل بين غلاف غزة والقطاع المحاصر، اجتياز أعاد القضية الفلسطينية للواجهة مجدداً، بل وجعل من الكوفية الفلسطينية رمزاً للحرية والكرامة.
على الساحة الدولية خرج العالم الغربي الداعم للكيان بالإدانة والشجب والتعاطف مع الصهاينة الذين لم يستوعبوا هذه الضربة الكبرى في بدايتها، فهذا الإنجاز الفلسطيني يمكن أن يغير المنطقة برمتها، لكن كيف ذلك بدون حرب إقليمية؟
دخلت في اليوم التالي المقاومة الإسلامية في لبنان على خط المعركة، فالمساندة واجب وطني وديني لديها، والاستعداد لكافة السيناريوهات المحتملة كان أمراً ضرورياً، وهنا بدأ الميزان يعدل في القوة، فالكيان الذي خاض تجربة تموز 2006 يعلم جيداً قدرات حزب الله في المعارك، الأمر الذي جعل الكيان يضع ثلث إمكانيات جيشه في مواجهة حزب الله في أي تطور قادم، ولكن ذلك لم يكن كافياً لطمأنة الجانب الصهيوني، فاستنجدت بأمريكا التي تعتبر أن الكيان طفلها المدلل، فحاملة الطائرات جيرالد فورد توجهت إلى شرق المتوسط بإشارة تهديد للمقاومة الإسلامية في لبنان، والزيارات المكوكية لقادة الغرب إلى تل أبيب والمنطقة برمتها كانت تحاول منع انزلاق المنطقة نحو حرب إقليمية تعلم واشنطن أن أول نتائجها تدمير إسرائيل.
يمكن القول أن دخول المقاومة العراقية على خط المواجهة والمساندة بضربها للقواعد الأمريكية في سورية والعراق زاد الضغط على الأمريكيين في دعمهم اللا محدود للكيان، فبدأت معادلة الاستهداف للجنود الأمريكان مقابل الدعم لإسرائيل، كان من أهم نتائج هذه الاستهدافات هو إجبار الأمريكيين التفكير ملياً في إخراج قواتهم من المنطقة، بالإضافة إلى الصواريخ التي تم إطلاقها من الجنوب السوري باتجاه العدو شكلت عامل إشغال للقوات المتمركزة في هذه المنطقة، الأمر الذي وضع العدو في حيرة من أمره وتخبطه العسكري.
أعتقد أن الحوثيين هم من استطاعوا قلب الموازيين في هذه المعركة عبر استهدافهم للسفن الصهيونية العابرة للبحر الأحمر، مما زاد العبئ الاقتصادي على الكيان، بالإضافة إلى الضغط على أمريكا من أجل فتح الممرات الإنسانية في قطاع غزة وهو ما تعارضه أمريكا في مجلس الأمن، لتأتي أمريكا بحلف تم تشكيله لضرب اليمن والقوات اليمنية وتم انسحاب العديد من الدول منه خوفاً من المصالح البحرية الخاصة.
إن منطقة شرق المتوسط هي منطقة استراتيجية لمشاريع اقتصادية كبيرة يمكن القول أن أولها هو الطريق الهندي السعودي وصولاً للمياه الدافئة في ميناء حيفا المحتل وكذلك الأمر مشروع الحزام والطريق الصيني الإيراني العراقي السوري، وهذه الطرق لكي تكون فاعلة يجب أن تكون البيئة السياسية والأمنية آمنة، لذلك أعتقد أن الأمريكان يحاولون أن يقطعوا الطريق الصيني لكي يعمل الخط الهندي الصهيوني وذلك من خلال الإبقاء على قواعدهم في شرق سورية وغربي العراق، وهنا كان دور المقاومة العراقية باستهداف هذه القواعد.
طوفان الأقصى استطاعت تحقيق إنجاز تاريخي يحسب للمقاومة المحاصرة من اكثر من خمسة عشر عاماً بأبسط الإمكانيات، هذا الفشل الذريع للكيان الصهيوني على المستوى الأمني والسياسي والعسكري يثبت أن الكيان كان في سُبات ولن يستفق منه، وهذا ما يفسر وجود الانقسامات الداخلية فيه.
بعد 85 يوماً من القتال، استطاعت المقاومة فيها من استخدام عنصر الصوت والصورة لتوثيق المعارك وتصديرها للرأي العام العالمي، ومن خلالها تم فقدان الثقة بين المستوطنين والحكومة الصهيونية، بل واستطاعت أن تعيد القضية للعالم بأسره، وعلى المقلب الآخر قتلت آلة الحرب الصهيونية أكثر من 21 ألف شهيد وأكثر من 50 ألف جريح أكثرهم من النساء والأطفال ومازالت المنظمات الدولية فاشلة وتفشل في كل مرة يكون الحديث فيها عن إغاثة الفلسطينيين وذلك بسبب هيمنة الغرب على هذه المنظمات المسيسة لصالحه.
إن المنطقة في شرق المتوسط على صفيح ساخن يمكن أن تنفجر في أي لحظة، خاصة بعد توجه الإعلام العالمي على جنوب لبنان واليمن، ولكن هل يمكن لأحد أن ينتزع فتيل المعركة؟؟ أم أن للميدان رأي آخر؟؟! يتساءل مراقبون!