الدكتور ناصر الجندي يكتب: التعليم بلا مناهج… ثورة قادمة أم فخ معرفي؟

رئيس مجلس الإدارة:محمود علىرئيس التحرير: شريف سليمان
على هامش فعاليات اليومين الثالث والرابع لمعرض ” إيديكس - 2025 ” .. لقاءات ثنائية مكثفة لقادة الأفرع الرئيسية وكبار قادة القوات المسلحة دراما رمضان 2026.. سباق مبكر بين النجوم والميزانيات الضخمة ياسر أبو شباب.. من مسجون جنائي إلى أداة بيد الاحتلال في غزة.. ثم نهاية مثيرة للجدل نوبيا تطلق هاتفين قابلين للطي في اليابان.. Nubia Fold الأقوى وNubia Flip 3 للجمهور الصغير آبل تتصدر سوق الهواتف الذكية عالميًا في 2025 لأول مرة منذ أكثر من عقد دار الإفتاء تحسم جدل «البِشعة» بعد انتشار فيديو «فتاة البشعة»: ممارسة محرمة ومؤذية وزارة الشباب تختتم مقابلات برنامج «مسار سلام» لإعداد مدربين في نشر ثقافة السلام ترامب يستضيف رؤساء الكونغو ورواندا لتوقيع اتفاق سلام يتيح الوصول إلى المعادن النادرة الأزهر ينظم ملتقى ”السيرة النبوية” حول مواقف أبي بكر الصديق بعد وفاة النبي ﷺ غلق جزئي لشارع 26 يوليو بالجيزة 3 أيام لأعمال مونوريل وادي النيل – 6 أكتوبر حماة الوطن: الجهات المعنية حرصت على تسهيل إدلاء الناخبين بأصواتهم في جميع اللجان الإدارية العليا تغلق باب تلقي الطعون على نتائج المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب 2025

مقالات

الدكتور ناصر الجندي يكتب: التعليم بلا مناهج… ثورة قادمة أم فخ معرفي؟

الدكتور ناصر الجندي
الدكتور ناصر الجندي

تخيّل أن تتجه أبناؤنا نحو مدارسهم غدًا، دون حمل حقائب المدرسة الثقيلة، ولا برامج دراسية مكتوبة، ولا جداول مكدّسة داخلية يومية. عوضًا عن ذلك، يجدون أنفسهم في فضاءات تعليمية مفتوحة، يطوفون بين مختبرات تفاعلية، وأركان للفنون، وأجهزة واقع افتراضي، ومنصات للنقاش والتجريب. هناك، لا تُفرض عليهم دروس جامدة أو اختبارات حفظ بلا هدف؛ بل يختارون ما يُثير فضولهم ويوقظ شغفهم. هذه الصورة ليست رواية خيالية، بل واقع يُختبر اليوم في بعض التجارب التربوية الحديثة.

من أين تبدأ هذه الفكرة؟

المناهج الدراسية التقليدية وُضعت في عصر الصناعات والمصانع، بهدف تكوين أجيال متشابهة بمهارات مكرّرة. ولكن في عصر الإنترنت والمعلومة الفورية، لم تعد المعرفة محفوظة تميّز أحد — بل القدرة على التفكير المبدع والتحليلي هي الميزة الحقيقية.

ماذا يعني تعليم بلا مناهج؟

المبدأ يقوم على منح الطالب الحرية الحقيقية في اختيار ما يتعلمه، بمرافقة موجّهين أو معلمين يثبّتون المسار فقط، وليس أكثر. قد يقضي الطالب يومه في تصميم روبوت، وآخر في استكشاف الفضاء، وثالث في كتابة قصة أو ابتكار مشروع بيئي…

والمعيار هنا لا يُقاس بـ"عدد الصفحات"، بل بـ"قدرته على الابتكار"، و"كيف فكر"، و"ما الذي أنجزه عمليًا".

ما تقوله الإحصاءات الحديثة

  • تقارير عام 2025 تشير إلى أن الطلاب المشاركين في التعليم المبني على المشاريع (PBL) سجلوا زيادة تتراوح بين 20% و30% في معدلات التحصيل مقارنة بالتعليم التقليدي worldmetrics.org.
  • كذلك، 86% من المعلمين أشاروا إلى أن PBL يزيد من دافعية الطلاب ومشاركتهم الفعلية داخل الصف worldmetrics.org..
  • أظهرت بيانات أخرى أن PBL حسّن مهارات التفكير النقدي (Critical Thinking) بنسبة تصل إلى 60%، ورفع مهارات التعاون بين الطلاب بنسبة 45% worldmetrics.org. WifiTalents.
  • أما المعلمون، فـ 81% منهم أجمعوا على أن PBL يطوّر مهارات القرن الحادي والعشرين لدى الطلاب WifiTalents.

وفي مجال التعليم العالي، أظهرت دراسات أن استخدام أساليب التعلم النشط (Active Learning)، بدل المحاضرات التقليدية، خفّض نسبة الرسوب من 32% إلى 21%، بينما ارتفع الأداء الأكاديمي بمتوسط 0.47 من انحراف معياري Wikipedia.

خبرات محلية وعالمية في التطبيق

  • في الإمارات، أطلقت وزارة التربية والتعليم مؤخرًا دراسة وطنية لتقييم نموذج التعلم القائم على المشاريع مع تطبيق رسمي متوقع في عام 2025–2026 Gulf News.
  • بعض المدارس الخاصة مثل Swiss International Scientific School – دبي تعتمد مشاريع شخصية بالفعل منذ الطفولة، وتعتبرها عنصرًا أساسيًا لتنمية المهارات الاجتماعية والتواصلية والتفكير النقدي The National.
  • على ساحل أوروبا، تمت تجربة برامج مثل "Yrityskylä" في فنلندا، حيث يشارك 91% من الطلاب في برنامج محاكاة واقعية لبيئة عمل لتعزيز الثقافة المالية والمواطنة Financial Times.

بين الإشراق والحذر

بالرغم من النتائج الملهمة، يبقى هناك تساؤلات جوهرية:

  • كيف نضمن أن يتقن الطلاب أساسيات القراءة، والكتابة، والحساب إذا جعلنا كل شيء اختياريًا؟
  • هل سيكبر التفاوت المعرفي إذا اختار كل طالب مساره الخاص؟
  • ما هو الدور المشترك للمجتمع إذا اختفت "المنهج المشترك"؟

هل نجرؤ على الرحيل عن القالب؟

السؤال الأكبر لا يكمن في منهج ما نلغي، بل في كيف نعيد تعريف دوره. ربما لا حاجة لإلغائه كليًا، بل لتحويله إلى مسار مرن، يوفر الأُطر الأساسية ويسمح للطلاب باختيار تشكيل معارفهم بأنفسهم. هل نحن مستعدون لأن نثق في أطفالنا، وأن نسمح لفضولهم أن يقودهم في رحلتهم المعرفية؟ ربما آن الأوان لنطرح بكل شجاعة: هل المناهج التي نتمسك بها اليوم هي البيئة التي تقيّد عقول أبنائنا… أم التي تعدهم لمستقبلهم الحقيقي؟