تقارير وتحقيقات
ياسر أبو شباب.. من مسجون جنائي إلى أداة بيد الاحتلال في غزة.. ثم نهاية مثيرة للجدل
في خضم الفوضى التي عمّت قطاع غزة خلال حرب الإبادة الإسرائيلية، برز اسم ياسر أبو شباب كإحدى أكثر الشخصيات المثيرة للجدل، بعدما تحول من متهم بقضايا جنائية، إلى قائد مجموعة مسلحة تعمل تحت إشراف الاحتلال الإسرائيلي جنوبي القطاع. ومع إعلان وسائل الإعلام الإسرائيلية مقتله اليوم، يعود اسمه إلى الواجهة، وسط إرث ثقيل من التهم والرفض الشعبي والخيانة في نظر كثيرين من أبناء غزة.
النشأة والبدايات
وُلد أبو شباب في 19 ديسمبر 1993 بمدينة رفح جنوب قطاع غزة، وينتمي إلى قبيلة الترابين، إحدى كبرى القبائل العربية في المنطقة.
لم يكن شخصية معروفة قبل الحرب؛ فقد اعتُقل بتهم تتعلق بالمخدرات، ثم خرج من السجن بعد قصف إسرائيلي استهدف مرافق أمنية عقب هجمات 7 أكتوبر 2023.
لاحقًا جرى اعتقاله من جديد على يد حركة حماس بالاتهامات نفسها، لكنه استغل حالة الفوضى التي أحدثتها الحرب، ونجح في الهروب ليبدأ مسارًا مختلفًا تمامًا.
من “الكتلة الشعبية” إلى التعاون مع الاحتلال
أواخر 2024 ظهر أبو شباب مُعلنًا تأسيس ما سماه “الكتلة الشعبية” بزعم حماية دخول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة في رفح وخان يونس.
إلا أنّ نشاطه تطور سريعًا إلى تشكيل قوة مسلحة قُدّر عددها بين 100 و300 عنصر، تتحرك خصوصًا حول معبر كرم أبو سالم ومراكز توزيع المساعدات، بإشراف مباشر من الجيش الإسرائيلي.
وبات ضيفًا مفضّلًا لدى إعلام الاحتلال الذي قدّمه كنموذج “معارض للمقاومة” داخل غزة.
القسام يكشف عنه رسميًا
في 30 مايو 2025، نشرت كتائب القسام مقاطع تُظهر أبو شباب متواجدًا مع قوة من المستعربين خلال اقتحام منازل في شرق رفح، قبل تفجير أحد المنازل المفخخة عليهم.
ومنذ ذلك الحين، ترسّخ الاعتقاد الشعبي بأنه لم يعد مجرد شخص مثير للشبهات، بل جزء مباشر من النشاط الأمني الإسرائيلي داخل القطاع.
العائلة تتبرأ
في اليوم ذاته، أصدرت عائلة أبو شباب بيان تبرؤ كامل منه، مؤكدة أن ما يقوم به “يخدم الاحتلال”.
البيان تضمّن تهديدًا واضحًا بإهدار دمه إذا لم يتوقف عن أعماله.
اتهامات بالنهب واستهدافات متكررة
اتهمه سكان محليون بسرقة شاحنات المساعدات الإنسانية، بينما شنت فصائل المقاومة عدة هجمات على مواقع ارتبطت بتحركاته، أبرزها في نوفمبر 2024 عندما قُتل نحو 20 شخصًا في قصف لموقع كان يتردد عليه، قبل أن يتبين لاحقًا أن شقيقه هو الذي قضى خلال محاولة هروبه.
صناعة “بطل مزيف” في الإعلام الإسرائيلي
روّجت إسرائيل لأبو شباب كواجهة دعائية؛ إذ أجرت معه وسائل إعلام عبرية مقابلات هاجم خلالها المقاومة واصفًا مقاتليها بـ “أشباه بشر”، وملمّحًا إلى استعداده للقتال إلى جانب الاحتلال حتى النهاية، مدعيًا أن جماعته “تحمي المساعدات” دون دعم إسرائيلي — رغم نفي الشارع الفلسطيني لذلك جملة وتفصيلًا.
اليوم، ومع إعلان الاحتلال مقتله، يُطوى ملف شخصية أثارت موجة غضب غير مسبوقة داخل غزة، تجاوزت البعد السياسي إلى الشرف والهوية والانتماء.
رحل ياسر أبو شباب خائنًا في نظر أبناء وطنه، تاركًا خلفه علامات استفهام حول حجم الدور الذي لعبه في مخطط الاحتلال داخل غزة، ودروسًا قاسية عن الثمن الذي يدفعه من يختار طريق العمالة.